ستيف جونسون

كشفت دراسة جديدة أن نمو صناديق الاستثمار المتداولة قد حسّن كفاءة أسواق الأسهم، ما يتعارض مع بعض الادعاءات السابقة.

ووفقاً لأرقام من شركة الاستشارات ETFGI، نمت صناعة صناديق الاستثمار المتداولة عالمياً لتقترب أصولها من 15 تريليون دولار، بزيادة خمسة أضعاف خلال العقد الماضي، مع وجود جميع هذه الأصول تقريباً (ما عدا تريليون دولار واحد) في صناديق الاستثمار السلبي بتتبع المؤشرات.

وتقول الدراسة الجديدة التي أجراها أكاديميون من أمريكا وبريطانيا وفرنسا إن هذا التدفق الكبير للأموال السلبية جعل أسواق الأسهم أكثر كفاءة، فيما يتناقض مع أبحاث سابقة توصلت إلى العكس.

وقد تؤثر هذه المناقشة الأكاديمية المستمرة في النهاية على تفكير الجهات التنظيمية، خصوصاً في وقت أثار فيه البعض من كلا الطرفين السياسيين مخاوف بشأن تزايد نفوذ الثلاثي «بلاك روك» و«فانجارد» و«ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز»، التي تهيمن على صناعة صناديق الاستثمار المتداولة عالمياً. وتشير أحدث التحليلات الأكاديمية إلى أن نمو صناديق الاستثمار المتداولة حسّن كفاءة تسعير الأسهم على مستوى السوق، وهو مفهوم يطلق عليه «الكفاءة الكلية»، ما يقلل انتشار التسعير الخاطئ.

وتتضح هذه الكفاءة بشكل أكثر وضوحاً خلال فترات التقلبات، وهي الفترات التي يرجح أن تظهر فيها عيوب هيكل السوق.

إضافة إلى ذلك، توصلت الدراسة إلى أن تحسن كفاءة التسعير «يغيب إلى حد كبير» في الأسواق الناشئة، حيث تكون صناديق الاستثمار المتداولة أقل بكثير مقارنة بالأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

وقال أندرو كلير، أستاذ إدارة الأصول في كلية بايز للأعمال في لندن والمؤلف المشارك للورقة البحثية: إن العمل استند إلى نتائج الراحل الحائز على جائزة نوبل بول سامويلسون، الذي وجد أن الأسواق «كفؤة على المستوى الجزئي»، ولكنها «غير كفؤة على المستوى الكلي»، أي أنه افترض أن كفاءة الأسواق تعمل بشكل أفضل بكثير مع الأسهم الفردية مقارنة بسوق الأسهم في نطاقه الأوسع. وكان الحائز على جائزة نوبل روبرت شيلر من بين الذين أكدوا نتائج سامويلسون.

رغم ذلك، وجد كلير وزملاؤه أن الأسواق المالية قد تغيرت منذ أن قدم سامويلسون ملاحظاته، وأن الكفاءة الكلية زادت منذ الانتشار الواسع لصناديق الاستثمار المتداولة.

وقالت الورقة البحثية، التي تحمل عنوان «اعتماد صناديق الاستثمار المتداولة وكفاءة سوق الأسهم الكلية»، والمقرر نشرها في مجلة «ذا جورنال أوف بورتفوليو مانجمنت»: «إن نتائجنا لها آثار كبيرة على المستثمرين. ففي أسواق الأسهم الأكثر تطوراً، ذات المستويات الأعلى في الكفاءة الكلية، يبدو أن استخدام نهج من أعلى إلى أسفل لبناء المحفظة أصبح ضرورة متزايدة لإدارة المخاطر بشكل فعال».

إن كان الأمر كذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا؟

قد يكون اعتماد صناديق الاستثمار المتداولة على نطاق واسع في البورصة أمراً جديداً، لكن صناديق المؤشرات المشتركة موجودة منذ فترة أطول. لكن كلير يعتقد أن هذين النوعين من المنتجات يتم استخدامهما بطرق مختلفة — فصناديق المؤشرات المشتركة هي «الاستثمار في أكثر من نوع والاحتفاظ به»، بينما يمكن التداول بصناديق الاستثمار المتداولة يومياً أو حتى خلال اليوم.

ويعتقد أيضاً على نطاق واسع أن الاعتماد الأسرع للمعلومات في تسعير السوق قد يؤدي لزيادة التقلبات، حيث يرجح أن ترتفع أسعار الأسهم وتنخفض معاً في انسجام، دون حركات تعويضية. رغم ذلك، قال كلير إن البحث لم يجد ذلك.

وجادل أن النتائج كانت إيجابية لصناعة صناديق الاستثمار المتداولة، على عكس بعض التحليلات الأخرى. وتعد أبحاث فالنتين حداد، الأستاذ المساعد في التمويل في كلية إدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA)، وزملاؤه في عام 2022 أحد التحليلات التي خلصت إلى أن صعود الاستثمار السلبي يشوه التسعير ويزيد تقلبات سوق الأسهم الأمريكية.

وأشارت ورقة كلير أيضاً إلى تحليل سابق خلص إلى أن زيادة ملكية صناديق الاستثمار المتداولة قد تؤدي إلى تسعير خاطئ، لأن زيادة التشابه في الملكية عبر السوق قد تضعف الرابط بين إعلان الأرباح وسعر السهم ذي الصلة.

لكن على النقيض، وبحسب دراسة كلير، فإن أدوات الإدارة السلبية قد لا تكون مصدراً لعدم كفاءة السوق كما ادعى آخرون في الماضي، بل على العكس، قد تحسن كفاءة سوق الأسهم.

وقال: «إن صناديق الاستثمار المتداولة تسمح للمستثمرين بإدارة انكشاف المحفظة للمخاطر الكلية بطريقة أكثر كفاءة من إدارتها فقط عن طريق تداول الأسهم الفردية».

ووافق كينيث لامونت، رئيس الأبحاث في مورنينغستار، على «روح» الورقة البحثية، حيث قال: «إن صناديق الاستثمار المتداولة كانت واحدة من الأدوات الرئيسية وراء ديمقراطية التمويل، ما يسمح لجميع المستثمرين بالمراهنة على الأسواق بتكلفة منخفضة وفورية، مما ساهم بلا شك في زيادة كفاءة الأسواق المالية في السنوات الأخيرة».

رغم ذلك، جادل لامونت بأن نمو صناديق الاستثمار المتداولة «ارتبط بشكل وثيق بنمو الأسواق المالية الحديثة بشكل عام. ومن المستحيل تقريباً تحديد المكاسب التي يمكن ربطها بصناديق الاستثمار المتداولة وأيها يمكن ربطه بمجموعة واسعة من التطورات الأخرى، مثل تحسين البيانات، والتداول الإلكتروني عالي التردد، وتحسينات البنية التحتية للتداول، وما إلى ذلك، والتي تطورت بالتوازي مع صناديق الاستثمار المتداولة».

واعتبر حداد من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس أن هناك «أسباباً تجعلنا نشكك إلى حد ما» في أنه إذا كان الناس يتداولون في السوق بشكل عام بدلاً من تداول الأسهم الفردية، فإن التداول يصبح أكثر كفاءة.

وقال: «صناديق الاستثمار المتداولة نفسها لا تحاول تحديد توقيت دخول وخروج السوق، بل إن التدفقات الداخلة والخارجة منها هي التي تفعل ذلك. إذا كنا نعتقد أن هذه التدفقات مدفوعة في الغالب من قبل أفراد أو مؤسسات غير متطورة، فمن الصعب أن نتوقع منها أن تجعل الأسعار أكثر كفاءة. وتشير معظم الأدلة الحديثة إلى أنها تستقرئ اتجاهات العوائد، بدلاً من أن تكون معاكسة، وهو ما قد يكون الوضع الأمثل».

رغم ذلك، قال كلير: إن النتائج التي توصل إليها هو وزملاؤه تعني أن الجهات التنظيمية يجب أن ترحب بنمو صناديق الاستثمار المتداولة و«تكون حذرة بشأن تقييد تطورها».

وأضاف: كانت هناك انتقادات كثيرة بأن صناديق الاستثمار المتداولة تجعل العالم أقل كفاءة. نحن وجدنا العكس. إنها تجعل السوق أكثر كفاءة بدلاً من أن تكون أقل كفاءة.

وتابع: إنها قصة إيجابية لصناعة صناديق الاستثمار المتداولة، التي تعرضت للانتقاد مراراً وتكراراً على مدى عدد من السنوات.