بالتوازي مع الحراك الداخلي لتشكيل الحكومة، تشهد بيروت زيارات دبلوماسية مكثفة، فبعد يوم من زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، استقبل رئيس الحكومة المكلّف ​نواف سلام، أمس، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والوفد المرافق، بحضور المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، وقائد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» الجنرال آرولدو لاثارو.

وأكدت مصادر أن عدداً من البلدان الغربية على تواصل وتلاقٍ وتشاور دائم في دعم ومساعدة لبنان وشعبه، وكل المعطيات لديها تشير إلى أن عودة الاستثمار في لبنان قد تظهر في الأسابيع الأولى بعد تشكيل الحكومة ومنحها الثقة من أعضاء المجلس النيابي.

وقال غوتيريس في تصريح صحافي «أنا على ثقة تامة بأن لبنان سوف يكون لديه قريباً حكومة تمثل كافة مكونات الشعب اللبناني وتضمن أمن جميع مواطنيها».

وتابع: «بنفس الوقت إن قوات اليونيفل تعمل بشكل وثيق مع الجيش اللبناني في جنوب لبنان لهدف واضح، وإن وجود إسرائيل في الجنوب يجب أن ينتهي بالوقت المحدد إنفاذاً لاتفاق وقف إطلاق النار، بما يمكن الجيش اللبناني من بسط سلطته».

وزار ماكرون أول من أمس بيروت للدفع بمسار الإصلاحات، وتسريع تشكيل حكومة الإنقاذ وفتح المجال لإعادة الإعمار في أعقاب الحرب، حيث تلعب باريس دوراً أساسياً لحل المشكلات القائمة أمام تشكيل الحكومة ووعد فرنسي علني ومهم قطعه الرئيس الفرنسي، ويقضي بتنظيم مؤتمر دولي في باريس بعد بضعة أسابيع لحشد التمويل في سبيل إعادة إعمار ما هدمته آلة الحرب الإسرائيلية.

وعليه، فإنّ ثمّة إجماعاً على أن زيارة ماكرون لبيروت شكّلت فاتحة دعم دولي بوصفه رئيس الدولة العضو في اللجنة الخماسيّة، وفي لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب.

وخلافاً لأجواء التشنّج التي سادت في الأيام الأخيرة، وعزّزت الخشية من انطلاقة متعسّرة لعهد الرئيس عون، ومن مسار حكومي معقّد، ربطاً بمقاطعة «الثنائي» أمل و«حزب الله» الاستشارات النيابية غير الملزِمة التي أجراها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، فإنّ تطوّرات الساعات الأخيرة أشّرت إلى أن المشاورات المباشرة بين المعنيّين بالملف الحكومي أكّدت ارتفاع منسوب الإيجابية، ووجود رغبة مشتركة في الاندفاع في الاتجاه المعاكس للتشنّجات، وأن ليس ثمّة ما يمنع على الإطلاق وضع حكومة العهد الأولى على سكّة التأليف السريع.

وعليه، فإن ثمّة اعتقاداً بأن الحاضنة العربية- الدولية للبنان قد بدأت، وأن زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت تندرج في هذا السياق، وأن من ضمن الاستراتيجية الفرنسية للمحافظة على وجودها في الشرق الأوسط.

أما على المقلب المكمّل لهذه الصورة، فكلامٌ عن أن ماكرون وغوتيريش دفعا باتجاهين: تشكيل حكومة العهد الأولى، ومعاينة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وهي الأولويّة التي قدّمها الرئيس المكلّف على ما عداها، فسابقت أسماءه الوزارية وانشغالاته في التأليف، مع ما يعنيه الأمر، وفق قول أوساطه لـ«البيان»، أن سلام ينطلق من نقاط ساخنة، قد تعيد لبنان إلى نقطة الصفر، ما لم تلتزم إسرائيل بموعد 27 من الجاري للانسحاب من دون تلكّؤ.