هل بات اتفاق وقف إطلاق النار في متناول اليد؟ وهل تنجح المساعي السياسية على أعتاب تنصيب الرئيس ترامب؟ أسئلة طبعت مباحثات وقف الحرب الدائرة حالياً في الدوحة، لكن الإجابة عنها ظلت تائهة، في ظل مخاوف من أن تبلغ مناورات نتنياهو أوجها في ربع الساعة الأخير.

سيما بعد نشر الرئيس الأمريكي المنتخب فيديو وجه فيه انتقادات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتأتي وسط جهود دبلوماسية مكثفة من جانب مصر وقطر والإدارة الأمريكية الحالية للتوسط في اتفاق هدنة من شأنه أن يشمل إطلاق سراح الرهائن. فهل إعادة نشر الفيديو تحريك لجهود التهدئة في غزة أم تعقيد للمشهد؟

وفيما ينصب طوفان من قراءات المراقبين بأن الاتفاق بات ممكناً، مع قرب تسلم الرئيس ترامب مقاليد البيت الأبيض، فإن ثمة من يقرأ في فنجان ماراثون المفاوضات، بأنها ربما تواجه مصير سابقاتها، إذ ثمة أفخاخ محتملة، قد تظهر في طريق الاتفاق ويبدو أن ترامب من خلال الفيديو أراد التلميح لذلك وعليه، يرجح مراقبون أن يظل الاتفاق لصيقاً بـ20 يناير، أقل أو أكثر قليلاً، وحتى يتضح الرسم البياني لوعد ترامب المسبق بوقف الحرب.

وإذ ترتكز المفاوضات الجارية في الدوحة، والتي تحظى بقوة دفع ثلاثي (قطري، مصري، أمريكي) على الأسرى من الجانبين، إلا أن هذه القضية المفصلية لم تعبر خط النهاية، فإسرائيل تصر على أسماء الرهائن (الأحياء منهم والأموات)، فيما حركة «حماس» تحتاج لوقف نار مؤقت مدته أسبوع، وخلق مساحات آمنة، لتمكينها من التواصل مع الفصائل الخاطفة، والخروج بالمعطيات المطلوبة.

وفق مصادر واسعة الاطّلاع لـ«البيان» لا يحتاج الأمر كثير عناء، لإدراك ملامح الاتفاق من عدمه، فالاتفاق جاهز للتوقيع، وكل ما يتطلبه الأمر قرار من الحكومة الإسرائيلية بالذهاب نحو التسوية التي تنص على مرحلة أولى من تبادل الأسرى، وهي مرحلة وصفت بـ«الإنسانية» تشمل كبار السن والنساء والأطفال، مقابل شهر ونصف دون إطلاق نار، لكن نتنياهو أطل بمطالب إضافية، بأن تتضمن عملية التبادل عدداً من الشباب الإسرائيليين، الأمر الذي رفضته «حماس»، باعتباره خارج نطاق المرحلة الأولى.

الخيار الثاني

واستناداً إلى المصادر التي لم تشأ الكشف عن هويتها، تنتظر الأطراف السياسية في الدوحة، موقفاً إسرائيلياً بالموافقة على الاتفاق كي يتم توقيعه، لأن الخيار الثاني هو الذهاب إلى عملية تبادل أسرى شاملة، بحيث تشمل جميع المختطفين الإسرائيليين، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، وإنهاء الحرب، بانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، على غرار الاتفاق مع لبنان، حتى لو استغرق بعض الوقت.

واستناداً إلى الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية محمود يزبك، فإن المعضلة الكبرى التي تهدد الاتفاق، أن «الحل والربط» بيد نتنياهو، وهو صاحب القرار، وحتى الآن لم يقدم ما هو مطلوب منه، لأنه يدرك أن مصيره السياسي يتوقف على الصفقة، خصوصاً وأن كبار مساعديه يعارضون أي تسوية سياسية ما لم يتم القضاء كلياً على حركة حماس.

وبمعزل عما يقال في قراءات المراقبين، أو يسرّب من مباحثات الدوحة، فالاتفاق على وقف إطلاق النار ما زال على الورق، وما زال يحتاج لخرائط توضح أين سينسحب الجيش الإسرائيلي وأين سيتموضع، إذ عدم وضوح المواقع الجديدة له ستؤثر على وقف إطلاق النار، وكذلك على حركة النازحين، وهنا «مربط الفرس» بالنسبة للطرفين.

«جولة فوق عادية»

وتبقى مباحثات الدوحة الحالية «جولة فوق عادية» وينظر إليها كحد فاصل أكان في توقيتها أو مضمونها، أو بحثها عن القطب المخفية، فهي تأتي كمكمّل لمسار تفاوضي طويل تخلله عض أصابع، وتضييق فجوات، لكنه ظل يترنح تحت ضربات حرب مدمرة، يخشى أن تستمر طويلاً.

وربما تكون المنازلة السياسية الجارية، الأخيرة قبل تنصيب الرئيس ترامب، فتعمل المحركات السياسية ملء طاقتها، وتنصب الجهود على الوئام بدل الصدام، فهل تكون خاتمة لعشرات الجولات وتتكلل بالاتفاق؟.. سؤال لا يضاهيه شيء في غزة، التي تترقب وقف حرب دمرتها وأنهكت قواها.