معظم من نتحدث إليهم، ونحن من ضمن هؤلاء حتى لا ندعي بأننا أفضل من الآخرين أو لا ندخل في التصنيف البشري ذاته، نشتكي ويشتكون من أحوالهم وظروفهم، وغالباً ما يكونون غير راضين عن نمط حياتهم العام، هم ليسوا فاشلين ولا ينقصهم المال، إنهم يعيشون أوضاعاً مالية جيدة، ويشغلون وظائف لائقة.

عادة ما يشعر هؤلاء أن هناك شيئاً ما ينقصهم مما لدى الآخرين، شيئاً من البهجة أو السعادة والحرية والفراغ. الطبيب يريد أن يعيش بمنأى عن ضغوط والتزامات مهنته التي تحرمه الحياة الاجتماعية المتحررة، التي تتوفر لدى أبسط الناس، وكبار الأغنياء والشخصيات والمشاهير محرومون من الحياة البسيطة التلقائية التي تمنحهم فرصة الذهاب إلى أي مكان دون مضايقات ولفت انتباه الجماهير والحاجة الدائمة للحراسة اللصيقة.. وهكذا.

تعرف هذه الحالة بتناقض الرغبات والتوقعات بين الواقع والاحتياجات الداخلية للفرد، فحتى الأشخاص الذين يمتلكون المال والوظائف المحترمة يمكن أن يشعروا بالفراغ أو عدم الرضا بسبب عوامل كثيرة لا نشعر بها نحن لأننا لا نعيش الظروف نفسها، كالافتقار إلى التوازن مثلاً، فالحياة التي تعتمد بشكل رئيسي على النجاح المادي قد تؤدي إلى إهمال الجوانب الأخرى مثل العلاقات الاجتماعية أو الراحة النفسية، حين يركز البعض على تحقيق النجاحات المهنية أو المالية لا يتم ذلك إلا على حساب لحظات الراحة أو الاستمتاع بالحياة البسيطة.

إن الكماليات التي يمتلكها الأثرياء أو المشاهير قد تدفعهم إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين، مما يخلق شعوراً دائماً بنقص شيء ما، على الرغم من أنهم يمتلكون كل ما يحتاجونه مادياً، لكن يبقى هناك شعور داخلي بعدم الكفاية أو فقدان الأبعاد الإنسانية مثل الحرية أو الخصوصية والبساطة، والتحرر من القيود.

كما أن الأشخاص في المناصب الرفيعة أو الأغنياء يواجهون ضغوطاً مجتمعية متزايدة، حيث تكون توقعات المجتمع منهم عالية، والنظرات مسلطة عليهم، وهم في حالة قلق وخوف من التقصير وإمكانية فقدان المنصب، لذلك لا يستطيعون ببساطة الاسترخاء أو القيام بأنشطة يومية بسيطة كالآخرين دون أن يراقبهم الناس ويتهافتوا عليهم.