تُفاجَأ بالبعض يردد جملة مألوفة قديمة، لكن كثرة ترديدها تكسبها تجدداً بين الناس، واستمراراً في الزمن. يصح القول إن في الترديد تجديداً. وهذه قد تصلح قاعدة تنطبق على أشياء كثيرة. ما هي الجملة؟

يُردد أنه «من الصعب على الرجل فهم المرأة، ومن الصعب على المرأة، بالمقابل، فهم الرجل». ولكأن البشرية في تناسلها من ملايين السنين - أقله من بعد الطوفان حتى الآن - إنما جرى استمرارها ويجري على عدم التفاهم بين الزوج والزوجة. وهذا يطرح سؤالاً وجيهاً لكنه محيّر: كيف وصلت البشرية إلى القرن الـ21 وبأية طريقة، وهي لم يكن فيها من يفهم قرينه؟

صحيحٌ أن الخصام بين الزوجين بات أمراً مألوفاً أو لا بد منه، ويصعب منعه أو القضاء عليه، لكن ما هو ليس صحيحاً أن يعني الخصام بين الطرفين، نتيجة حتمية لعدم فهم الواحد الآخر. إن تهمة التقصير بالواجبات أو الإخفاق في بعض أو كل المسؤوليات، أحياناً، هي أمر كثير الحدوث وله أسبابه الموضوعية. بالإمكان توصيفها ومعالجتها، إما بتغييبها إن أمكن، أو تركها لعوامل الطبيعة تعتورها لإضعافها، عندها يسهل تبديدها.

علينا الإقرار بأن هنالك جملة من الاختلافات البيولوجية والنفسية بين الزوج والزوجة؛ فثمة اختلاف في نشاط مناطق الدماغ بينهما؛ ففي الوقت الذي تنشط فيه العاطفة والذاكرة لدى المرأة، تنشط لدى الرجل خلايا مسؤولة عن الحركة. وفي الوقت الذي ترغب فيه المرأة في التعبير عن مشاعرها بشكل أكثر انفتاحاً، يميل الرجل إلى كبت المشاعر أو التعبير عنها بالأفعال.

النساء عموماً يرغبن في المشاركة في تفاصيل يومهن، بينما الرجال يميلون إلى الاختصار، والتركيز على الكليات الأساسية. تحظى جلسة النساء بنسبة اهتمام عالية، بسبب أنهن يملن فيها إلى التحدث للتنفيس (والفضفضة)، فيما الرجال يحاولون التحدث عن المشكلات وإيجاد حلول لها. فللحفاظ على عدم إظهار الضعف، يشعر الرجال بالضغط، فيكونون أقل انفتاحاً في التعبير. والحل هو التواصل والحوار بين الطرفين.