تُعدُّ نظرية (الفن للفن، أو الأدب للأدب)، أصل الفلسفات الفنية جميعاً، حيث تضرب جذورها التاريخية إلى عهد سقراط وأفلاطون؛ اللذين أكدا على ضرورة تنقية الفن من المنافع التي قد تعلقُ به؛ ابتغاءً للجمال،، وبعيداً عن المعاني الأخلاقية، والتربوية، والاجتماعية.. الخ

ولعل هذا ما يبرر طرْدَ أفلاطون الشعراءَ من جمهوريته الفاضلة؛ لأنهم عبروا عن الواقع بفنهم وشعرهم، فضربوا بنظرية الفن للفن عرض الحائط!

وقد ذاعت هذه النظرية، ونمت وترعرعت على يد ثلة من الأدباء والشعراء مثل؛ الفرنسي دي لیل (1818م ـ 1894م)، وبلديُّه بودلیر (1821م ـ 1867م)، وجوتییه (1811م ـ 1872م)، ومالا رامیه (1842م ـ 1898م).

ومع رسوخها في الأرض حيناً من الدهر إلا أنها تصدعت بفعل الضربات الساحقة التي تلقتها من الفيلسوف العملاق؛ أرسطو، حيث قرر: أنّه لا بد أن يكون للفن وظيفة تربوية، وانتقد بشدة شاعر اليونان الأكبر هوميروس الذي لم يُعِرْ الأخلاق اهتماماً في ملاحمه الخالدة.

ومن المتأخرين (سيدني) الذي أكد على عمق العلاقة بين الفن والأخلاق، لأنّ أساس المُفاضلة بين الفنون والآداب هو الأثر الذي تُخلّفه في نفس المُتلقي.

أما الناقد الكبير ت. س. اليوت فقد اتهم أصحاب النظرية بالخطأ وقصر النظر، لأنهم أخلوا الأديب والشاعر والفنان من الالتزام.

وقال الشاعر في هذا:

قد رأى الشعر نفسه في انطواء

ومع الدهر لا محالة ذاهب

من ينادي في عصرنا (‌الفن ‌للفن)

غرورا، فمدعي الشعر كاذب

خُلقَ الفنُّ للحياة ولولا

ذاك ما عز من (شكسبير) جانب

ولما اهتزت الأكف لشوقي

حين يبدو مهنئا أو معاتب

وقديما (أعشى حنيفة) يحبى

حمر النعم من قريش الغوالب

فلماذا نرى الميوعة في الشعر

وفي الحب منه ضربة لازب

وهو في سنة الحياة ذلول

قابل نسجه لشتى المذاهب