عندما سافرت لإحدى الدول الآسيوية، التي اشتهرت بأجمل شواطئ في العالم، التي تتميز بعلو وارتفاع أمواجها، حيث تجذب لها كل الرياضيين المهتمين برياضة ركوب الأمواج، ورغم أن المشهد يحبس الأنفاس من هوله وجماله في آن، فمن هدوء تلك الأمواج في النهاية، وسلاسة تعامل راكب الأمواج معها حتى أن للوهلة الأولى تعتقد أنه جزء منها في مرونته مع حركتها، فلا مقاومة، بل يساير اتجاهها له، هو المتحكم في اتجاهه ولوحه، ليقف بعد ذلك مستعداً لخوضها، وكأن الريح تحمله بداخلها دون خوف أو تردد.

نعتقد أنه يواجهها، لكن الحقيقة أنه يعلم أن مواجهتها ستسقطه من فوق لوحه، فيذهب معها بكل خفة وجمال.

وعندما يحدث بالفعل ويسقط من فوق لوحه لا يهتم، ويبدأ من جديد، وهنا بالفعل من نقطة البداية، لكن قد تعلم من سقطته، فيعلم في أي اتجاه سيذهب، وبأي حركة سيستمر.

وفي أوقات قد يكون التحدي بالصبر، لأن الرياح لا تأتي بتلك الموجة، لكنه لا ينتظر، بل ما زال مستمراً في تدريباته، وحتى في تلك الأوقات التي تشتد الريح فهو أمام الخيار بأن يصنع تحدياً جديداً أو يستمر لتلك اللحظة المناسبة.

وكل ذلك بخطوات متعددة اجتمعت، لتصنع منه راكب أمواج محترفاً مرناً مستمتعاً في رحلته وتجربته ليس فقط منتظراً النتائج، لكن من الجميل أن هذا العمق الذي استحوذ على أفكاري، ورأيت أن حياتنا بتجاربها وبكل ما فيها هي تلك الموجة، ونحن ذاك الرياضي راكب الأمواج، فحياتنا بحر كبير وعميق، تتوالى أمواجه فيوم تشرق شمس بنسيم خفيف، ويوم تشتد الريح وتعصف، لكن يبقى القرار لنا، هل سنركب تلك الموجة أم ننتظر أخرى، هل نغامر أم نعيش في دائرة الأمان بلا حراك، فصفة الحياة هي التغيير، والتغيير المستمر على جميع أصعدتها ومجالاتها، وإن بقينا مكاننا بلا حراك مع موجات التغير فسنكون نقطة في نهاية السطر، لذلك تحتاج الحياة منا إلى استمرارية ومرونة، المواجهة مطلوبة أحياناً، لكن الموجة المدروسة ليست تلك التي تكسر كل ما فيك، لتجد نفسك غريقاً في تيارات لا ترحم.

رغم أن التغيير تصحبه الكثير من المقاومات من خوف ومشتتات، وقلق من النتائج أو تغيير لعادات وأسلوب حياة، فكل ما حولنا درس مجانيّ، يحتاج فقط منك أن تتأمله، وتتعلم منه، فدروس الحياة ثمينة وباقية، وأثرها بتلك التجارب حقيقي وواقعي، تعلم أن تتوازن فوق لوحك الخاص بك، وأن تجعل مرونتك في خضم الحياة عالية، وعندما تأتي اللحظة والوقت والمكان المناسب قف واستعد بتوازن تام، وابتسم لأن الرحلة بمغامرتها داخل تلك الموجة الكبيرة في حياتنا ستبدأ الآن.

عش اللحظة، وتعلم من الماضي، واستعد بالعمل للمستقبل.