ما زالت ردود أفعال خروج الأبيض الإماراتي من مرحلة المجموعات بكأس الخليج العربي «خليجي زين 26» حاضرة بقوة في الشارع الرياضي الإماراتي ما بين ناقم ومتحسر على ضياع فرصة اعتلاء منصة التتويج الخليجية، إذ كان المنتخب المرشح الأول والأقوى للفوز باللقب، وهو الأمر الذي كان يتوقعه الجميع من مدربين ومحللين وخبراء وفنيين قبل انطلاق البطولة قبل أن يفاجأ الجميع بخروجه المبكر والمستغرب.

وأجمع محللون ولاعبون قدامى على أن من أهم أسباب الخروج المبكر للمنتخب من البطولة غياب المهاجم الهداف القادر على ترجمة أنصاف الفرص وتحويلها إلى أهداف، مؤكدين أن المنتخب قدم مردوداً متميزاً في جميع المباريات الثلاث التي خاضها بمرحلة المجموعات، وكان الأكثر استحواذاً وسيطرة ولم يكن يستحق أية نتيجة سوى الفوز، لكنه أضاع فرصاً بالجملة لعدم وجود القناص.

وطالبوا بأهمية وضرورة تلافي هذا الأمر قبل الدخول في أجواء المباريات المتبقية من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم، وعبروا عن استغرابهم لعدم اختيار لاعبين يتمتعون بالخبرة والمقدرات ويلعبون أساسيين في أنديتهم، مثل علي مبخوت، وعلي صالح، وبندر الأحبابي، وشاهين عبد الرحمن، وغيرهم من الأسماء القادرة على صناعة الفارق ودعم صفوف المنتخب.

مسؤولية بينتو

واعتبر سالم جوهر، لاعب المنتخب والعين السابق والمحلل الفني الحالي، أن المدرب البرتغالي باولو بينتو، المدير الفني للأبيض الإماراتي، المسؤول الأول عن خروج المنتخب المبكر من كأس الخليج بسبب عدم اختيار تشكيلة ثابتة، إذ ظل يقدم في كل مباراة تشكيلة تختلف عن المباراة التي سبقتها، وكان ذلك من السلبيات التي أثرت في مردود الفريق، كما أنه اختار لاعبين لا يلعبون أساسيين حتى في أنديتهم، في حين تجاهل اختيار عناصر أصحاب مقدرات وخبرة مثل علي مبخوت، وعلي صالح، خلال بطولة الخليج، ومنذ المباراة الأولى أمام قطر كان واضحاً القصور الذي عاناه المنتخب في الهجوم، لكن المدرب لم يحرك ساكناً لإيجاد الحلول.

توظيف

وأضاف جوهر: من وجهة نظري أن المشكلة كانت في توظيف هؤلاء اللاعبين التوظيف المثالي الذي ينتج عنه المردود الفني المطلوب، الذي يقود بدوره لتحقيق النتائج المأمولة، كما أن اللاعبين الذين مثلوا المنتخب في البطولة كان يفترض أن يشاركوا بطموح تحقيق إنجاز الفوز باللقب والظهور بصورة متميزة دون التقليل من دورة الخليج، لأنها بطولة كبيرة ومهمة وخرج من ميادينها لاعبون ونجوم متميزون في جميع الخطوط، والحصول على لقبها إنجاز يستحق التفاني.

غياب القائد

وقال جوهر: من الأسباب أيضاً أن المنتخب افتقد للقائد في وسط الملعب، ولذلك تكررت الأخطاء الفردية، فمثلاً الخطأ الذي سجل منه المنتخب الكويتي هدفه الثاني لم يكن ليحدث لو كان هناك قائد في الملعب يوجه اللاعب وينبهه ويطلب منه إخراج الكرة إلى خارج الملعب قبل أن تصل إلى مرحلة الخطورة على المرمى، ومن الملاحظ أن منتخبنا خسر نقاطاً مهمة بسبب الأخطاء الفردية، وعدم ظهور عدد من اللاعبين بالمستوى المعروف عنهم.

وأردف: أعتقد أنه إذا استمر هذا المدرب بهذه الطريقة وهذا الأسلوب فلن تكون النتائج على المستوى المطلوب، خصوصاً وأن هناك توقفات عدة، والمطلوب التكاتف والاهتمام ووضع السلبيات التي ظهرت في البطولة تحت مجهر الدراسة، خصوصاً وأن الخروج المبكر والأخطاء التي ارتكبها بعض اللاعبين ستؤثر سلباً في مردودهم في المرحلة المقبلة، ولذلك لا بد من تلافي هذا الوضع، ونتمنى أن يتم اختيار اللاعب المناسب لتمثيل المنتخب، وأن يكون هناك تحضير جيد على المستوى النفسي جنباً إلى جنب مع الإعداد البدني.

سلبيات وإيجابيات

ويرى المحلل الفني، فارس الصيعري أن مشاركة الأبيض الإماراتي الأخيرة في كأس الخليج العربي «خليجي زين 26» تضمنت إيجابيات وسلبيات، ومن ضمن الإيجابيات ظهور وتجهيز لاعبين جدد سيدعمون صفوف المنتخب بالفترة المقبلة، مثل لوكاس بيمنتا، وقال إنه برغم عدم مشاركة اللاعب في مباريات البطولة فإن مجرد وجوده مع الفريق وانسجامه مع الأجواء يعتبر بمثابة تحضير جيد له.

وأضاف: من الإيجابيات ظهور التجانس والانسجام الواضح بين اللاعبين، ولكن هذه الإيجابيات قابلتها سلبيات، منها عدم الاستقرار على تشكيلة واحدة، حيث كان يتم التغيير من مباراة إلى أخرى، فمثلاً في بداية البطولة لعب في وسط الملعب يحيى نادر، وعصام فايز، ثم جاء بعد ذلك عبدالله حمد وماكنزي هنت، وهذا من أسباب عدم إحراز النتائج المأمولة، وكان يجب أن تكون هناك تشكيلة ثابتة على الأقل في المباريات الثلاث الأولى، طالما أنه لا توجد إصابات، ولكن المدرب عمد للتغيير المستمر في التشكيل والتكتيك.

القناص

وتابع الصيعري: من السلبيات أيضاً أن المنتخب كان يفتقد لمهاجم قناص يستغل أنصاف الفرص للتسجيل، وكذلك افتقد للاعب الخبرة والقائد، وهناك لاعبون كثر في أندية المحترفين كان سيكون لهم تأثيرهم الإيجابي لو تم اختيارهم، ولكن لا نعرف ما الأسباب التي قادت لاستبعادهم من القائمة، ولا بد من إعادة النظر في هذا الأمر قبل الدخول في أجواء المباريات المتبقية للتصفيات المؤهلة لكأس العالم.

المطلوب

وعن المطلوب لتحضير المنتخب بصورة مثالية للمرحلة المقبلة التي يواجه فيها تحديات مهمة، قال الصيعري: أولاً يجب أن يتكاتف الجميع من إدارة وإعلام وجمهور وقدامى النجوم والمحللين من أجل تهيئة أجواء إيجابية للفريق، لأن اللاعبين يحتاجون لدعم معنوي بعد الخروج المبكر من كأس الخليج العربي، فاللاعب العربي يحتاج لتعزيز دوافعه والوقوف إلى جانبه، خصوصاً في حالة الإخفاق، فالمرحلة المقبلة صعبة، لأن المنتخب سيلعب مع منتخبات قوية ومرشحة، مثل منتخب إيران في طهران، ومع أوزبكستان.

أسباب ومسببات

وعدّد المدرب الوطني هلال محمد النقبي سلبيات وأسباباً عدة قادت للخروج المبكر لمنتخبنا من كأس الخليج العربي، وقال: نتفق أن بناء أي منتخب يحتاج مقومات أساسية، وهي إمكانات فنية تشمل اللاعبين من حيث المهارة والقوه البدنية، إلى جانب جهاز فني متمكن لديه القدرة على التعامل مع اللاعبين خارج الملعب وتوظيف قدراتهم داخل الميدان، إضافة إلى جهاز إداري يمتلك قدرات وخبرات فنية ولديه القدرة على التعامل النفسي في تحفيز اللاعبين والتغلب على المشاكل التي تصادفهم، إلى جانب لاعبين لديهم روح وطنية عالية وتفانٍ وإخلاص وتضحية من أجل رفع اسم دولتهم في المحافل الخارجية.

وقال: أبرز الأسباب التي قادت إلى خروج المنتخب أن الجهاز الفني لديه أخطاء في إدارة المباريات من حيث التبديلات غير الموفقة، وكذالك عدم اختيار التشكيل المناسب لكل مباراة، فضلاً عن عدم الثبات على تشكيل للمنتخب، وأخيراً أثبت الجهاز الإداري عدم قدرته على التعامل مع اللاعبين بطريقة تناسب المباراة.

وأضاف: المطلوب في الفترة المقبلة أولاً اختيار لاعبين يتمتعون بالقدرة الفنية العالية، وسد النقص في بعض المراكز الشاغرة في المنتخب، وجهاز إداري قوي يمتلك قدرات وخبرات فنية وعلمية تعين الجهاز الفني، ومدرب مواطن يساعد المدرب الحالي في كثير من الأمور المتعلقة باللاعبين، ولديه القدرة على التحاور والتشاور مع المدرب.

بلا أنياب هجومية

وأكد فيصل علي، لاعب المنتخب والعين السابق والمدرب بالمراحل السنية حالياً، أن المنتخب قدم مباريات متميزة في بطولة كأس الخليج العربي رغم خروجه من مرحلة المجموعات، لكن المشكلة أنه لعب بلا أنياب هجومية، إذ افتقد للمهاجم الصريح والقناص، كما أن المدرب كان يغيّر دائماً في التشكيلة، خصوصاً في الهجوم، وهذه نقطة سلبية كبيرة، فالفريق كان مسيطراً في المباريات، لكنه افتقد للمسة الأخيرة، والجميع شاهد المردود المتميز الذي استهل به المسابقة أمام المنتخب القطري، وكذلك أمام الكويت وعمان، فلم يكن يستحق الخروج.

المشكلة

وأضاف: في كرة القدم إذا لم تترجم المردود الإيجابي والاستحواذ إلى أهداف فمن المحتم أن تخسر، وهذا أمر مفروغ منه، وكانت هذه مشكلتنا الكبيرة في البطولة، فقد صنع المنتخب فرصاً بالجملة لو سجل منها مرة أو اثنتين في كل مباراة لتأهل لنصف النهائي بالعلامة الكاملة ومضى إلى النهائي ومنصة التتويج.

الأخطاء واردة

وطالب فيصل علي بعدم الإثقال على اللاعبين بسبب الأخطاء الفردية، حتى لا يؤثر ذلك في معنوياتهم في المرحلة المقبلة، موضحاً أن الأخطاء أمر وارد وتحدث كثيراً في كرة القدم من الجميع، ولا يوجد لاعب لا يخطئ، وخليفة الحمادي مدافع متميز، وظل يقدم مردوداً قوياً في مشاركته مع ناديه، وكذلك مع المنتخب، ولا ينبغي تحميله المسؤولية، فالمشكلة الأساسية في المنتخب هي غياب المهاجم الحقيقي، ولاحظنا أن الأهداف التي سجلناها كانت باجتهادات فردية من الغساني وحارب عبدالله، ولذلك من المهم تدارك هذا الأمر في المرحلة المقبلة، وأتمنى أن يكون علي مبخوت موجوداً أو على الأقل يكون هناك لاعب يملك مقوماته و«إستايله» في المقدمة الهجومية.

وأضاف: أتوقع أن المنتخب في تصفيات كأس العالم سيجد حلاً، فالمدرب لن يصمت، فهو يعرف كما يعرف الجميع أن المشكلة في عدم وجود المهاجم الصريح، ولكن جميع العناصر الأخرى في خطوط الفريق من الحارس مروراً بالدفاع وخط الوسط ممتازة، وهذا وضح جلياً في جميع المباريات التي خاضها المنتخب، فقد كنا الأفضل والأقرب للفوز دائماً.