في المشهد الثقافي الإماراتي تتجلى اليوم ملامح جيل جديد من المبدعات اللواتي نشأن في بيوت تنبض بالشعر والفكر والفن، فنهلن من آبائهن روح الجمال وشغف الكلمة والخيال، ليؤسسن مساراتهن الخاصة في التصميم والفن التشكيلي والتعبير البصري.
جيل يعيد صياغة الإرث الإبداعي بروح معاصرة، ويقدم رؤية مختلفة تعكس ثقة المرأة الإماراتية وقدرتها على أن تكون صوتاً مؤثراً في الحاضر والمستقبل. «البيان» تضيء في السياق على تجربتي ابنتي المبدعين عادل خزام وخالد البدور (منال وفاطمة)، واللتين نهلتا من معين ومكون ثراء تجارب والديهما، الشاعرين اللذين تركا بصمات راسخة في مسيرة الشعر والثقافة الإماراتية؛ فالأول شاعر ومفكر معروف بتجربته الفلسفية في الشعر والكتابة والفن، والثاني أحد أبرز شعراء الإمارات. ومن خلال هذا الإرث ولدت تجربتا الشابتين، واللتين تمثلان امتداداً للروح نفسها، بلغة جديدة تعبر عن الجيل المعاصر. وتحكي الفنانة التشكيلية فاطمة خالد البدور والمصممة منال عادل خزام، في هذا الاستطلاع، عن علاقتهما بالبيئة التي احتضنت موهبتهما، وعن المسارات التي اختارتاها للتعبير عن ذاتيهما، ورؤيتهما للمرحلة المقبلة في رحلتهما الإبداعيتين.
بداية تقول فاطمة خالد البدور، إنها نشأت في بيئة تقدر الفن والثقافة وتدعم الإبداع، وهو ما شكل أساساً متيناً لشغفها بالفنون منذ الصغر، وقد كان لعائلتها دور كبير في دعمها حتى تمكنت من الدراسة في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة نورث إيسترن، وتضيف: «أعتبر نفسي محظوظة لأنني نشأت في بيت يقدر الجمال والفكر، وهذا ما منحني الثقة للاستمرار في ممارسة شغفي الفني». تبدع فاطمة اليوم في الميدان الذي درسته أكاديمياً: مجال التصوير الفوتوغرافي والطباعة اليدوية. وتحرص على المشاركة في الجولات والمعارض الفنية، وتصف مشاركتها في «مهرجان سكة للفنون والتصميم» بأنها من أحب التجارب إلى قلبها، إذ ترى فيه منصة مفتوحة لكل المبدعين.
المصممة منال عادل خزام، ترى أن نشأتها في بيت يحيطه الفن والشعر والنقاشات الثقافية الجميلة، جعلتها ترى الجمال في كل تفصيل من حولها. وتقول: «الإبداع بالنسبة لي كان لغة نتحدثها في البيت. أخذتُ من والدي حس التعلق اللصيق بالجمال والتعبير، وتعلمت أن الإبداع ليس مجرد مظهر، بل إحساس ومعنى».
وتعبر منال اليوم عن هذه الرؤية من خلال التصميم وسرد القصص البصرية في مشاريعها المتنوعة، سواء في العلامات التجارية أو في الفن، بطريقة تجمع بين الثقافة والأناقة والهوية. وتشرح تفاصيل جمة حول تجربتها، وتقول: «أرى نفسي شخصاً مبدعاً يهتم بالمعنى والإحساس كما يهتم بالشكل. ما يميزني عن الجيل الذي سبقني هو أنني لا أكتفي بالمحافظة على التراث، بل أحب أن أقدمه بطريقة حديثة تحافظ على روحه وتجعله قريباً من زمننا».
وتؤكد منال عادل خزام أن الجيل السابق وضع أساساً قوياً للإبداع، وأنها ترى نفسها تكمّل وتثري هذا البناء بأسلوب يعكس رؤيتها كإماراتية تربط في نتاجاتها بين الماضي والحاضر.

