بين تفاؤل وتشاؤم.. الغموض يحيط بإنهاء حرب أوكرانيا

زيلينسكي يلقي كلمة أمام مؤتمر مجلس أوروبا في لاهاي لمناقشة التعويضات لأوكرانيا عن تبعات الحرب الروسية |
زيلينسكي يلقي كلمة أمام مؤتمر مجلس أوروبا في لاهاي لمناقشة التعويضات لأوكرانيا عن تبعات الحرب الروسية |

لا يزال مصير السلام في أوكرانيا وإنهاء حربها الضروس غامضاً في ظل تقارب المواقف حيناً وتباعدها حيناً آخر، ففيما تظهر الولايات المتحدة تفاؤلاً بنهاية قريبة للنزاع الدامي، تستبعد روسيا تقديم تنازلات تتعلق بالأراضي، وبينهما تعتمل المخاوف دواخل الأوروبيين من تهديد روسي يتطلب الدفاع عن خاصرتهم الشرقية.

وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد محادثات أجراها مع قادة أوكرانيا وأوروبا، إن هناك تقدماً في المفاوضات بشأن إمكانية إنهاء الحرب في أوكرانيا. وأضاف ترامب في واشنطن: أعتقد أننا أصبحنا أقرب الآن مما كنا عليه في أي وقت مضى، وسنرى ما يمكننا فعله.

كما عرضت الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية على غرار ضمانات حلف شمال الأطلسي لكييف، في وقت أفاد فيه المفاوضون الأمريكيون والأوروبيون بإحراز تقدم في محادثات إنهاء الحرب، لكن التوصل إلى اتفاق بشأن التنازل عن أراض لا يزال بعيد المنال.

إلى ذلك، نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء، عن نائب وزير الخارجية، سيرجي ريابكوف قوله، إن روسيا لن تقدم أي تنازلات تتعلق بالأراضي في المحادثات الرامية لإنهاء حرب أوكرانيا. وأضاف ريابكوف أن موسكو لا تعلم حتى الآن بالاتفاقات التي توصلت إليها الولايات المتحدة وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي في برلين.

كما أعلن المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الكرملين اطلع على التقارير الصحفية المتعلقة بتصريحات القادة الأوروبيين، بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا.

وقال بيسكوف للصحفيين، رداً على سؤال حول ما إذا كان بيان القادة الأوروبيين بشأن رؤيتهم للضمانات الأمنية لكييف، يتضمن أي نقاط غير مقبولة لدى الكرملين:

حتى الآن، لم نرَ سوى منشورات صحفية، ونحن لن نرد على المنشورات الصحفية، ولم نرَ بعد أي نصوص رسمية، وعندما نراها، سنقوم حينها بتحليلها.

وأعلن الكرملين مجدداً رفضه وقف إطلاق نار في أوكرانيا، كما أفادت وكالات الأنباء الروسية، بعد أن دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وقف القتال خلال عيد الميلاد.

ونقلت التقارير عن بيسكوف قوله: نريد السلام، ولا نريد وقف إطلاق نار، ودفع بأن هدنة عيد الميلاد ستسمح لأوكرانيا ببساطة بأن تلتقط أنفاسها وتستعد لمواصلة القتال. وقال إن روسيا تريد إنهاء الحرب وتحقيق أهدافها.

على صعيد متصل، شدد ثمانية قادة أوروبيين مجتمعين في هلسنكي، أمس، على أن الدفاع عن الخاصرة الشرقية لأوروبا أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي في مواجهة التهديد الروسي.

وجاء في إعلان ختامي وقع عليه القادة بأن الوضع يتطلب منح أولوية قصوى للخاصرة الشرقية للاتحاد الأوروبي من خلال نهج عملياتي منسق ومتعدد المجالات. وأفاد رئيس الوزراء الفنلندي، بيتيري أوربو، بأن روسيا ما زالت تمثل تهديداً اليوم وغداً وفي المستقبل المنظور لأوروبا بأكملها.

كما اتفق كبار المسؤولين الأوروبيين بمشاركة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على إنشاء هيئة دولية تتولى مهمة اتخاذ قرار بشأن دفع تعويضات لكييف بقيمة عشرات مليارات اليورو على خلفية الحرب. وستقيم لجنة المطالبات الدولية من أجل أوكرانيا التي وقعت على تأسيسها 35 دولة، طلبات التعويض وتتخذ قراراً بشأنها.

وقال زيلينسكي للوفود: نتوقع أن تبدأ كل آلية تعويض بالحصول على دعم دولي قوي وكاف ليشعر الناس بصدق بأنه يمكن التعويض عن أي نوع من الأضرار الناجمة عن الحرب..

هذه الحرب ومسؤولية روسيا عنها يجب أن تصبح مثالاً واضحاً ليتعلم الآخرون عدم اختيار العنف. وقال زيلينسكي، إن أوكرانيا تواجه صعوبات لتلبية احتياجاتها المالية، وإن صدور قرار من الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم كييف أمر بالغ الأهمية.

وأضاف زيلينسكي، إنه توصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لجعل الضمانات الأمنية ملزمة قانونياً عبر إجراء تصويت في الكونغرس الأمريكي.

وذلك كجزء من اتفاق يهدف إلى إنهاء حرب روسيا على أوكرانيا. وكشف زيلينسكي عن أن أوكرانيا ستطلب من الولايات المتحدة فرض المزيد من العقوبات على روسيا وتزويدها بمزيد من الأسلحة، بما فيها أسلحة بعيدة المدى، إذا رفضت موسكو الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خلال تأسيس لجنة المطالبات الدولية المرتبطة بحرب أوكرانيا في لاهاي، إن روسيا لا يمكنها التهرب من دفع ثمن حربها في أوكرانيا.

ضمانات أمنية

بدورها، جددت باريس مطالبتها بتوفير ضمانات أمنية قوية لكييف قبل البحث في مسألة الأراضي الأوكرانية التي تطالب موسكو بالتنازل عنها، وفقاً لما أفادت به أوساط الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عقب اجتماعات في برلين تناولت الموضوع.

وقالت هذه المصادر: نريد قبل كل شيء ضمانات أمنية قوية قبل أي نقاش في شأن الأراضي. وأشارت أوساط الرئيس الفرنسي إلى إحراز تقدم في شأن الضمانات، استناداً إلى العمل الذي أنجزه ائتلاف تحالف الراغبين، بفضل توضيح سبل الدعم الأمريكي.

من جهتها، تعهدت بريطانيا بتقديم 600 مليون جنيه إسترليني لدعم قدرات الدفاع الجوي لأوكرانيا، بما في ذلك أنظمة أبراج متطورة مصممة لإسقاط الطائرات المسيرة.

وقال وزير الدفاع، جون هيلي، إن الاستثمار في الدفاع الجوي يمثل مساعدة بالغة الأهمية للأوكرانيين وهم يدافعون عن بلداتهم ومدنهم وبنيتهم ​​التحتية للطاقة من الهجمات الوحشية التي تشنها روسيا.

ميدانياً، أعلنت روسيا، أمس، السيطرة على كوبيانسك، المدينة الاستراتيجية في شمال شرق أوكرانيا، بعدما أكدت القوات الأوكرانية مؤخراً استعادة عدة أحياء منها.

كما أفادت وزارة الدفاع الروسية، بأن منظومات الدفاع الجوي دمرت 83 طائرة مسيرة أوكرانية، فوق أراضي البلاد، خلال الليلة قبل الماضية. وذكر سلاح الجو في أوكرانيا، أن قوات الدفاع الجوي أسقطت 57 من أصل 69 طائرة مسيرة، أطلقتها روسيا خلال هجوم جوي على جنوب وشرق البلاد خلال الليل.