30 % من الأصول المدارة للمكاتب العائلية إقليمياً في دبي

كشف بنك «إتش إس بي سي» (HSBC) أن الإمارات تهيمن على مشهد الشركات العائلية في المنطقة بفارق كبير عن أقرب المنافسين، حيث تستحوذ على 53% من مكاتب الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتاً إلى أن دبي تعد المركز المالي الأكثر شعبية للمكاتب العائلية في المنطقة ويتواجد فيها أكثر من 30% من أصول المكاتب العائلية القابلة للاستثمار.

وقال فارزاد بيليموريا، رئيس الخدمات المصرفية الخاصة - الإمارات في بنك «إتش إس بي سي»، إن الإمارات هي موقع شهير لمكاتب العائلات ذات الثروات الضخمة، وهناك العديد من الأسباب وراء ذلك، ولكن عناصر نمط الحياة - مثل مستوى المعيشة المرتفع مع وسائل الراحة ذات المستوى العالمي، والرعاية الصحية، والتعليم - تلعب دوراً كبيراً، كما تشتهر الإمارات باقتصادها المستقر، والبنية التحتية ذات المستوى العالمي، والسلامة، والموقع الاستراتيجي، والبيئة المواتية للأعمال.

وقال البنك في تقرير حديث تحت عنوان «تقرير مشهد المكاتب العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» حصلت «البيان» على نسخة منه: إن المسح الذي أجريناه على مجموعة واسعة من الشركات العائلية في المنطقة أظهر هيمنة دولة الإمارات في هذا المجال، والتي تضم ربما نصف إجمالي مكاتب العائلات في المنطقة.

وأضاف التقرير إن دبي تعد المركز المالي الأكثر شعبية للمكاتب العائلية في المنطقة، ونقدر أن 30% من أصولها (المكاتب) القابلة للاستثمار موجودة في الإمارة، أما النسبة الباقية فتقع في المراكز المالية العالمية، وخصوصاً جنيف ولندن ونيويورك وزيوريخ.

هيمنة إماراتية

وذكر التقرير أن الإمارات تستحوذ على 53% من مكاتب الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متفوقة بفارق شاسع عن أقرب منافسيها، إذ تليها السعودية: بحصة 16%، ثم لبنان بـ 11%، قطر7%، البحرين 5%، مصر 4%، الكويت 4%.

وأضاف التقرير إنه من سمات اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أهمية الشركات العائلية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من المشهد الاجتماعي والاقتصادي، حيث تساهم في المتوسط بنحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي، وقد شهدت العديد من هذه الشركات نمواً كبيراً، مما دفع أصحابها إلى إنشاء مكاتب عائلية من أجل فصل إدارة الثروات والحوكمة والخدمات العائلية عن أعمالهم التشغيلية.

توزيع

وتابع التقرير «إن أحد العوامل التي قد نتوقع أن تؤثر على توزيع مكاتب العائلات هو حجم الاقتصادات الإقليمية، ولكن هذا لا يفسر لماذا تبلغ حصة الإمارات ضعف حصة السعودية على الرغم من أن اقتصادها يبلغ نصف حجم الناتج المحلي الإجمالي، وفي نهاية المطاف، فإن النجاح الاستثنائي للإمارات في جذب مكاتب العائلات يعود إلى إنشاء مركز دبي المالي العالمي في عام 2004».

وأضاف «وكان الهدف من هذا المركز جذب الاستثمار وتنويع الاقتصاد والعمل كمركز مالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد أدى إنشاء الخدمات المالية والنظام الضريبي المواتي إلى تدفق مكاتب العائلات وتطوير نظام بيئي يوفر الخدمات التي تتطلبها مكاتب العائلات، وتم إنشاء مركز ثانٍ في أبوظبي في عام 2013».

موقع المكتب العائلي

وأفاد التقرير أنه عادة ما يعكس موقع المكتب العائلي موقع الأعمال العائلية، وغالباً ما يكون نتيجة قرارات اتخذتها الأجيال السابقة، في الوقت الحاضر، عند التفكير في العوامل التي قد تدفع العائلات لنقل مكاتبها، تعتبر تكلفة العمليات (50%) وتفضيلات العائلة (50%) من أبرز الاعتبارات.

إضافة إلى ذلك، يعد الوصول إلى الخدمات المالية (44%) عاملاً مهماً، إلى جانب الاعتبارات الضريبية (38%)، البيئة التنظيمية (38%)، الخصوصية والأمان (25%)، القرب من الأصول التجارية والاستثمارات (19%)، البنية التحتية والاتصال (6%) مما يشير إلى أن دبي، التي تمتلك أكبر منظومة مكاتب عائلية في المنطقة، تتمتع بموقع مميز في قلب دائرة اقتصادية مزدهرة ومستدامة.

كل شيء ممكن

يعتقد رئيس مكتب عائلي من الجيل الثاني أجرى معدو التقرير لقاءً معه، أن نجاح أعماله متعددة الجنسية يعود بشكل كبير إلى قراره بالتمركز في دبي.

يقول رئيس المكتب: «جدي جاء إلى هنا من الهند في أربعينيات القرن الماضي، في وقت لم تكن تؤسس فيه الإمارات بعد، درست في الهند، لكنني عدت إلى الإمارات لأن عائلتي هنا، والأعمال العائلية هنا في دبي».

وأضاف «عندما تخرج أخي الأصغر بعد إنهاء دراسته، اقترحت عليه أن يسافر حول العالم، قلت له: لماذا لا نزور المدن الرئيسية لنرى ما إذا كان بإمكاننا إنشاء فروع أخرى هناك؟ بهذه الطريقة نقلل المخاطر بدلاً من التركيز على بلد واحد».

تابع: «سافر أخي إلى سنغافورة، طوكيو، وعدد من المدن في الولايات المتحدة، ثم المملكة المتحدة، وجنيف، ثم عاد ليقدم تقريره، بعد أن أخذنا كل شيء بعين الاعتبار، قررنا البقاء في دبي».

وذكر رئيس المكتب: لم أندم على هذا القرار أبداً لأن دبي مكان سهل ومريح جداً لإدارة الأعمال، أصبحت تحظى بشعبية مذهلة خلال السنوات العشر الماضية، ولكن حتى قبل 20 أو 30 عاماً كانت مدينة ديناميكية، على المستوى العالمي، كانت صغيرة، لكنها كانت تنمو بسرعة.

وأضاف، يمكنني أن أعزو نمو دبي إلى الحكومة وقيادتها في تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت تقدمية وداعمة جداً للتجارة، كانوا دائماً يفكرون فيما يمكنهم فعله لدعم مجتمع الأعمال، إنشاء مركز دبي المالي العالمي كان خطوة عبقرية، وجعل المدينة المركز المالي الأول في المنطقة.

وقال: إلى جانب الاستمتاع بنمط الحياة، من الممكن إدارة أعمال متعددة الجنسية من دبي، نحن نقوم بكل شيء من هنا، نستورد الأقمشة من الصين، ونجلب المصممين من فرنسا وكوريا الجنوبية، ويتم تصنيع المنتجات في مصانع في الهند، ولتحقيق النجاح، من الضروري اختيار التصميمات والمنتجات المناسبة، ونقوم ببيع منتجاتنا من خلال منافذ بيع في السعودية، عمان، الكويت، وقطر.

استراتيجيات الاستثمار

يتيح تحليل استراتيجيات تخصيص الأصول للمكاتب العائلية نظرة ثاقبة حول توقعاتها لتحقيق النمو، ويظهر متوسط السيولة المحتفظ بها من قبل المكاتب العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) بنسبة 18%، وهو ما يعادل ضعف السيولة التي تحتفظ بها المكاتب العائلية في أمريكا الشمالية وأوروبا.

وبالمثل، تمثل العقارات 34% من ثروة العائلات في المنطقة، وهو ما يفوق النسب المسجلة في المناطق الأخرى، وفي المقابل، تعد استثمارات الأسهم العامة والخاصة أقل بشكل كبير، ومع ذلك فهي موجهة بشكل كبير نحو الأسواق المتقدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية.

ويعزى انخفاض الاستثمار في الأسهم العامة والخاصة إلى النطاق المحدود للأسواق المالية الإقليمية، أما استثمارات السندات فتبلغ نسبتها 11%، وهي مشابهة لنظرائها الدوليين، حيث تركز في الغالب على سندات الخزانة الأمريكية.

وعلى غرار نظرائهم الدوليين، بدأت المكاتب العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باختبار الاستثمار في العملات الرقمية والسلع، حيث ما زالت هذه المجالات تعتبر خطوة استكشافية أو «غمس الإصبع في الماء» كما يقال.