قادة الذكاء الاصطناعي يتصادمون حول السلامة ومشروع «ستارغيت»

ستيفن موريس

دخلت أكبر الشخصيات في مجال الذكاء الاصطناعي في سجال حول مخاطر التكنولوجيا سريعة التطور خلال منتدى الاقتصاد العالمي، بينما انتشرت ضجة حول مشروع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليار دولار في الولايات المتحدة.

واستخدم رواد الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك رئيس «جوجل ديب مايند» السير ديميس هاسابيس، والمؤسس المشارك لشركة أنثروبيك داريو أمودي، وعالم الكمبيوتر «الأب الروحي للذكاء الاصطناعي» يوشوا بنجيو، التجمع في دافوس لتكرار تحذيرات صارخة حول تهديدات الذكاء الاصطناعي، بينما تطغى المصالح التجارية والتنافسات الجيوسياسية على مخاوف السلامة.

وفي حين اعترف هاسابيس بأن «الجني لا يمكن إعادته إلى القمقم»، قال إن الذكاء الاصطناعي العام - عندما يتجاوز القدرات المعرفية البشرية، يمكن أن يهدد الحضارة إذا خرج عن السيطرة أو إذا استولت عليه جهات سيئة. وهذا ينطبق بشكل خاص على نماذج اللغات الكبيرة «مفتوحة المصدر» التي يمكن للجميع الوصول إليها.

وقال الفائز بجائزة نوبل: «هناك ما هو أكثر بكثير على المحك هنا من مجرد شركات أو منتجات. إنه مستقبل البشرية، والحالة الإنسانية، وإلى أين نريد أن نذهب كمجتمع».

وأعرب أمودي، الذي تدعم «جوجل» و«أمازون» شركته الناشئة التي تصنع النموذج اللغوي الكبير «كلود»، عن قلقه من استخدام الحكومات الاستبدادية للذكاء الاصطناعي، وقال إنه «قلق للغاية بشأن سيناريوهات مشابهة لرواية 1984، أو أسوأ».

وقال يوشوا بنجيو خلال جلسة نقاشية «العلم لا يعرف كيف يمكننا التحكم في هذه الآلات عندما تكون حتى في مستوى ذكائنا، والأسوأ إذا كانت أذكى منا. هناك من يقولون: لا تقلقوا، سنكتشف الحل. لكن إذا لم نكتشفه، هل تفهمون العواقب؟»

وانتقد المتحدثون يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في «ميتا»، التي أنفقت مليارات الدولارات لتطوير نموذج لغوي كبير مفتوح المصدر يسمى «لاما». وأكد أن هذه المخاوف تتناقض مع المنافسة الشرسة من قبل منافسيه لبناء وبيع أفضل النماذج.

وقال في مقابلة: «يوشوا وداريو أعربا عن موقفهما ضد المصادر المفتوحة، وهذا في الواقع خطير جداً. وضع العقبات أمام توزيع المصادر المفتوحة سيؤدي إلى الاستيلاء المنظم لعدد قليل من اللاعبين، سواء من الساحل الغربي للولايات المتحدة أم الصين.. ما يركز السلطة في أيدي عدد قليل من الناس».

وأضاف يان ليكون: «هذا غريب جداً من أشخاص مثل داريو. حيث قال عندما التقينا، إن فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي تقريباً على المستوى نفسه من الأهمية، فقلت له: إذا كنت تعتقد ذلك حقاً، فلماذا تستمر في العمل على الذكاء الاصطناعي؟. لذلك أعتقد أنه يتخذ موقفاً متناقضاً بعض الشيء في هذا الشأن».

وبينما كان العلماء والمهندسون يناقشون المخاطر والمكافآت المحتملة للذكاء الاصطناعي، أظهر المديرون التنفيذيون في قطاع الأعمال حماساً غير محدود للتكنولوجيا.

وقال إرفين تو، رئيس مجموعة الاستثمار التكنولوجي الهولندية بروسوس: «لا يوجد معارضون. إذا كان لديك أي تقدير لما يمكن أن تفعله نماذج اللغات الكبيرة والوكلاء المدربون عليها، فسيكون من الصعب عليك كإنسان ألا تستنتج أنها ستحدث تغييرات جذرية وستكون مدمرة (تدميراً خلاقاً) بشكل لا يصدق في كل الصناعات».

وتم تعزيز الجو المشحون بالإعلان عن مشروع مشترك بقيمة 500 مليار دولار بين «أوبن إيه آي» و«سوفت بنك» و«أوراكل» لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة تحت اسم «ستارغيت». وقالت سارة فريار، المديرة المالية لشركة أوبن إيه آي: «نعتقد أن البنية التحتية هي مسألة مصيرية. «ستارغيت» تدور حول المزيد من الحوسبة.

والمزيد من الحوسبة يبني نماذج أفضل. النماذج الأفضل تجيب عن مشكلات أكثر تعقيداً وتقدم فوائد أكبر للأفراد والشركات». وهيمن مشروع «ستارغيت» على النقاش في دافوس لبقية الأسبوع، حيث تساءل الكثيرون، بما في ذلك إيلون ماسك، عبر منصة «إكس» عن كيفية تمويل الثلاثي للنفقات الضخمة التي وعدوا بها.

ولم يحصل مشروع «ستارغيت» بعد على التمويل المطلوب، ولن يتلقى أي تمويل حكومي، وسيخدم فقط «أوبن إيه آي» بمجرد اكتمالها. وحتى الآن، تنوي «سوفت بنك» و«أوبن إيه آي» تقديم أكثر من 15 مليار دولار لكل منهما للمشروع، على أمل جمع مزيج من حقوق الملكية من الداعمين الحاليين والدين لتمويل «ستارغيت».

كما تم اعتبار المشروع الجديد أحدث دليل على وجود شق في العلاقة بين ألتمان والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا وكبير مسؤولي الذكاء الاصطناعي في الشركة مصطفى سليمان، المؤسس المشارك السابق لشركة ديب مايند الذي ترك شركته الناشئة وانضم إلى «مايكروسوفت» أوائل العام الماضي.

وقال مارك بينيوف، الرئيس التنفيذي لشركة سيلزفورس، التي تتنافس مع «مايكروسوفت» في بيع وكلاء مدعومين بالذكاء الاصطناعي للشركات: «التوترات التي ظهرت بين مصطفى سليمان وسام ألتمان في دافوس العام الماضي كانت مجرد البداية».

وأضاف بينيوف: «تسرع «مايكروسوفت» الآن تطوير ذكائها الاصطناعي الخاص... هذا النمط يعكس تاريخ «مايكروسوفت» مع شركائها. قد يكون هذا علامة على بداية النهاية للعلاقة، ما يجعل من الضروري لأوبن إيه آي التوسع إلى منصات أخرى بسرعة». ورداً على ذلك، قال المتحدث باسم «مايكروسوفت» فرانك شو: «مارك لا يعرف ما يتحدث عنه». استثمرت «مايكروسوفت» ما يقرب من 14 مليار دولار في أوبن إيه آي منذ عام 2019، وفي المقابل تفاوضت على حقوق الملكية الفكرية لتكون المزود الحصري لخدمات الحوسبة السحابية.

ولكن تم إنهاء الاتفاقية الأخيرة بالتزامن مع الإعلان عن «ستارغيت». و«ستارغيت» ليست سوى أحدث مثال على سباق التسلح في البنية التحتية لمراكز البيانات في الولايات المتحدة مع استعدادها للمرحلة التالية من الازدهار الاقتصادي للذكاء الاصطناعي. قامت شركة «xAI» التابعة لماسك ببناء جهاز كمبيوتر عملاق يسمى «كولوسوس» يحتوي على 100.000 شريحة متصلة من إنفيديا في ثلاثة أشهر فقط العام الماضي، وتعهدت بتوسيع العدد 10 أضعاف.

وتستعد «بلاك روك» و«مايكروسوفت» لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 30 مليار دولار للذكاء الاصطناعي لبناء مراكز بيانات ومشاريع طاقة لتلبية الطلبات المتزايدة الناتجة عن قطاع التكنولوجيا. وفي يوم الجمعة، قال مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا: إن الشركة ستنفق ما بين 60 إلى 65 مليار دولار على البنية التحتية الرأسمالية هذا العام مع توسيع فرق الذكاء الاصطناعي لديها.

وقالت فريار من «أوبن إيه آي»: «إنني أعقد اجتماعات لا تتوقف مع العملاء عبر كل قطاع. لا أعتقد أن هناك رئيساً تنفيذياً واحداً تحدثت معه لا يعرف أنه يحتاج إلى نشر الذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي ليس فقط على جدول الأعمال؛ إنه هو جدول الأعمال. لم يعد مجرد مفهوم أو رؤية مستقبلية. إنه هنا».