«أوبن إيه آي» في مفاوضات معقدة للتحول إلى شركة ربحية

جورج هاموند، كريستينا كريدل

يخوض مجلس إدارة «أوبن إيه آي» مفاوضات معقدة للتحول إلى شركة تهدف للربح، حيث تواجه صعوبات في تحديد قيمة حصة «مايكروسوفت» في الشركة الجديدة الناشئة، بينما تجري محادثات لتقدير قيمة ذراعها الخيرية التي تم تشكيلها حديثاً بقيمة 30 مليار دولار.

وتعمل الشركة المطورة لـ «تشات جي بي تي»، التي يشرف عليها مجلس إدارة غير هادف للربح، منذ سبتمبر الماضي، على عملية إعادة هيكلة تسفر عن تقسيم الشركة الناشئة إلى قسمين. الأول هو شركة منفعة عامة تهدف للربح، والثاني هو ذراع خيرية، يتم تكليفها بالمهمة الأصلية لـ «أوبن إيه آي»: وهي «إفادة البشرية»، على أن تحصل الذراع الخيرية على حصة في شركة المنفعة العامة.

ووفقاً لأشخاص على دراية بالمحادثات، فإن إحدى العقبات التي تواجه عملية التحويل هي تحديد مقدار الحصة التي ستحتفظ بها، «مايكروسوفت»، أكبر داعم للشركة الناشئة، في شركة المنفعة العامة. كما يجب أيضاً تسوية اعتبارات أخرى، مثل مقدار الحصة التي سيتم منحها للرئيس التنفيذي سام ألتمان في الشركة الجديدة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة على المفاوضات فإن القيمة المتوقعة للذراع الخيرية قد تصل إلى 30 مليار دولار، لكن لم يتم التوصل بعد إلى القيمة النهائية. وأوضح أحد المصادر أن الجزء الأكبر من هذه القيمة سيكون في صورة أسهم في شركة المنفعة العامة الجديدة، وسيتم دفع القيمة المتبقية نقداً.

وقالت كارلا دينيس، الرئيسة التنفيذية لشركة «كيه دي إيه» للاستشارات الضريبية: إن امتلاك مؤسسة غير ربحية حصة في شركة ربحية ظاهرة جديدة في عالم الأعمال، لأن هذه الصفقات عادة ما تدفع نقداً. ووفقاً لشركة «أوبن إيه آي»، فإن خطة إعادة الهيكلة ستنتج مؤسسة غير ربحية تعد من أقوى المؤسسات الخيرية من حيث الموارد في التاريخ. لكن آخرين، مثل إيلون ماسك، يرون أن القيمة الحقيقية للمؤسسة غير الربحية أعلى بكثير من التقييم المعلن، نظراً لسيطرتها على «أوبن إيه آي» التي تصل قيمتها السوقية إلى 157 مليار دولار.

وهدف هذا التحول هو السماح لشركة «أوبن إيه آي» بجمع عشرات المليارات من الدولارات من المستثمرين. وتعتبر الشركة الناشئة خطوة حيوية لتمويل أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي قبل منافسيها. إلا أن هذا القرار يمثل انفصالاً عن الهدف الذي تأسست عليه «أوبن إيه آي» كمنظمة غير ربحية، وخطوة معقدة للغاية لا توجد لها سوابق قانونية تذكر. والتزمت «أوبن إيه آي» أمام مستثمريها بإتمام عملية تحولها خلال عامين كجزء من اتفاقية التمويل في سبتمبر الماضي. وتتضمن الاتفاقية بنداً يتيح للمستثمرين استرداد جزء من استثماراتهم البالغة 6.6 مليارات دولار إذا فشلت الشركة في إتمام التحول خلال المهلة المحددة.

وتعتبر العلاقة بين «مايكروسوفت» و«أوبن إيه آي» الأكثر حساسية بين أصحاب المصلحة. وقال شخص مقرب من «أوبن إيه آي» إن تحديد مقدار الحصة التي يجب أن تمتلكها «مايكروسوفت» دون جذب انتباه سلطات مكافحة الاحتكار هو جزء آخر مهم في تأخير تحول الشركة الناشئة إلى شركة منفعة عامة. ورفضت الشركتان التعليق. ويوم الثلاثاء الماضي أعلنت «مايكروسوفت» أنها ستغير هيكل صفقتها مع «أوبن إيه آي» للسماح للشركة الناشئة باستخدام خدمات الحوسبة السحابية للمنافسين.

وتعني هذه الخطوة أن «مايكروسوفت» ستتخلى عن موقعها كمزود حصري لخدمات السحابة لـ «أوبن إيه آي»، لكنها ستحتفظ بحق الأولوية في الرفض. وقالت «مايكروسوفت»: إن عناصر رئيسية عدة في شراكتها مع «أوبن إيه آي» ستظل قائمة حتى نهاية 2030، عندما تنتهي صفقتها الحالية، بما في ذلك ترتيبات تقاسم الإيرادات.

ويثير تحول الشركة نحو النموذج الربحي موجة من الجدل في أوساط وادي السيليكون، حيث يتوقع أن تؤثر على مستقبل السباق العالمي لتطوير وتسويق الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وتواجه عملية التحول معارضة قانونية شرسة يقودها رجل الأعمال «إيلون ماسك»، أحد المؤسسين المشاركين لـ «أوبن إيه آي» والذي أسس لاحقاً شركة «إكس إيه آي» المنافسة في الذكاء الاصطناعي. ويسعى ماسك للحصول على أمر قضائي لوقف عملية التحول، متهماً الشركة بخداع المتبرعين الأوائل، بمن فيهم هو شخصياً، الذين اعتقدوا أنهم يدعمون مؤسسة بحثية خالصة.

ويعود تاريخ الشركة إلى عام 2015، حيث تأسست كمنظمة غير ربحية، قبل أن تتخذ خطوة استراتيجية في 2019 بإنشاء فرع ربحي مع وضع سقف لعوائد المستثمرين وضمان سيطرة مجلس الإدارة غير الربحي على العمليات. وتشير التقارير الحالية إلى أن مستقبل الشركة المالي مرتبط بتحقيق تطورات تكنولوجية محورية، أبرزها الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام، وهي مرحلة متقدمة تصل فيها الآلة إلى مستوى ذكاء يضاهي الذكاء البشري. لكن صحيفة «فاينانشال تايمز» كشفت أن الهيكل الجديد للشركة سيستبعد البنود المتعلقة بالذكاء الاصطناعي العام.

وواجهت شركة «أوبن إيه آي» في نوفمبر 2023 تدقيقاً مكثفاً بشأن حوكمتها المؤسسية، بعد أن قام مجلسها غير الربحي بإقالة الرئيس التنفيذي سام ألتمان، قبل أن يتراجع عن قراره ويعيده إلى منصبه خلال أيام. وتكشف مصادر مطلعة على المفاوضات عن تفاؤل بإمكانية إتمام الصفقة خلال العام الجاري، مع الإقرار بأن المباحثات قد تشهد تغييرات وتمتد لأشهر عدة مقبلة.

ويضاف إلى التحديات القائمة صعوبة تحديد القيمة السوقية العادلة لتقنية ناشئة وقوية كهذه. ويتولى مسؤولية هذا القرار المصيري مجلس إدارة «أوبن إيه آي»، الذي يضم «سام ألتمان»، والرئيس السابق لشركة «سيلزفورس» و«بريت تايلور»، ووزير الخزانة الأمريكي السابق «لورانس سامرز».

وبحسب ميثاق الشركة، فإن التزامهم الأساسي هو تجاه «الإنسانية وليس مستثمري الشركة». وقال أحد موظفي «أوبن إيه آي» السابقين: «نحن أمام تضارب واضح في المصالح، فحينما يتفاوض مجلس الإدارة على قيمة المؤسسة غير الربحية، من الطبيعي أن يسعى لتبرير أقل مبلغ نقدي ممكن دفعه للذراع غير الربحية، وتخصيص الجزء الأكبر للشركة الربحية». وأضاف: «حتى مع وجود عملية مستقلة، لست متأكداً ما إذا كان بالإمكان حل هذا التعارض».

في الوقت نفسه، طلبت كاثلين جينينغز، المدعية العامة لولاية ديلاوير حيث تم تسجيل «أوبن إيه آي»، المزيد من المعلومات بشأن الصفقة. وقالت جينينغز إن دورها هو التأكد من أن عملية التحول تتم بسعر عادل وبما يخدم المصلحة العامة، إلا أن الشركة لم تقدم بعد المعلومات المطلوبة، حيث لا تزال قيد المناقشة الداخلية مع مختلف الأطراف المعنية. وعلق شخص مطلع على المحادثات قائلاً: «نحن أمام حالة غير مسبوقة - شركة أبحاث تحولت إلى كيان تبلغ قيمته 157 مليار دولار».