هل هناك فقاعة في الحديث عن فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

روشير شارما

وسط الضجة المثارة حول هوس الذكاء الاصطناعي، بدأ الناس يمزحون بشأن «فقاعة في الحديث عن الفقاعة». فهناك قفزة في عمليات البحث على جوجل عن الذكاء الاصطناعي المصحوبة بكلمة «فقاعة». ويبدو أن الأسواق تبقى مفعمة بالتفاؤل، لكن بعيداً عن هذه المؤشرات غير المباشرة، فلا يوجد معيار محدد للفقاعة. لذلك، يركز اختباري هنا على أربعة عناصر رئيسية: المبالغة في التقييم، والمبالغة في التملك، والإفراط في الاستثمار، والإفراط في استخدام القروض:

أولا - المبالغة في التقييم: في الفقاعات الكبرى التي تعود إلى طفرة الذهب في السبعينيات وطفرة الإنترنت في أواخر التسعينيات، ارتفعت الأسعار المعدلة حسب التضخم عشرة أضعاف خلال 10 إلى 15 عاماً. وقد وصلت أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية مؤخراً إلى هذا العتبة. كذلك، تُظهر دراسةٌ للفقاعات الاقتصادية على مدى القرن الماضي أن احتمالية الانهيار ترتفع إلى أكثر من 50% عندما يتفوق أداء القطاع المعني الذي يُمثّل محورَ جنون السوق على الأداء العام للسوق بأكثر من 100% خلال عامين. وتقترب أسهم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي من هذه النقطة الحرجة بالفعل.

وقد دفعت هذه الزيادات الهائلة في الأسعار التقييمات طويلة الأجل للأسهم الأمريكية إلى مستوياتٍ قريبة من أعلى مستوياتها في التاريخ. ويرى البعض أن هذا لا يُهم، لأن الذكاء الاصطناعي سيُعزز النمو بشكلٍ أكبر من الثورات التكنولوجية السابقة، وأن التقييمات كانت أكثر تطرفًا في الفترة 1999 - 2000. لكن إذا كان التاريخ دليلاً ومرشداً، فإن التقييمات والأسعار تُنذر بخطر محدق لفقاعة اقتصادية.

ثانيا - المبالغة في التملك: يقيس هذا المؤشر حجم الأموال المتدفقة إلى أحدث التقنيات الرائجة. ويتسابق الأمريكيون بشراسة على شراء الأسهم، لا سيما في قطاع التكنولوجيا. وتستثمر الأسر الأمريكية نسبة قياسية تبلغ 52% من ثروتها في الأسهم، وهي نسبة أعلى من الذروة السابقة في عام 2000، وتتجاوز بكثير مستويات الاتحاد الأوروبي (30%) واليابان (20%) والمملكة المتحدة (15%). ويُعد الإفراط في التداول مؤشراً وثيق الصلة. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفع عدد الأسهم المتداولة يومياً في الولايات المتحدة بنسبة 60% ليصل إلى حوالي 18 مليار سهم. كما ارتفعت حصة المستثمرين الأفراد في خيارات الأسهم قصيرة الأجل من الثلث إلى أكثر من النصف.

ويستسلم الشباب لما يطلق عليه «العدمية المالية»، حيث ينغمسون في المضاربة على الأسهم بعد أن أجبروا عن التخلي عن فكرة شراء منزل. لذلك، إذا انخفض سوق الأسهم في يومٍ ما، يندفع المستثمرون الأفراد على الشراء في اليوم التالي. وتكون أسهمهم المفضلة واضحة: فعلى منصة روبن هود، تُعدّ الأسهم الخمسة الأكثر تداولاً ضمن نطاق الشركات «السبع الرائعة».

ومع وجود 7.5 تريليونات دولار مُودعة في صناديق أسواق المال، قد يكون لدى صغار المستثمرين الأمريكيين قوة شرائية متبقية. ونظراً لاستمرار الأوضاع المالية المتساهلة، تستمر السيولة في دفع أسعار الأسهم نحو الارتفاع. وهذا يدفع المستثمرين المؤسسيين أيضا إلى مواصلة الشراء، بمن فيهم الكثير ممن يشككون بقوة في التفاؤل المفرط بشأن الذكاء الاصطناعي. والنتيجة هي ظهور ظاهرة جديدة غريبة: المستثمرون المتشائمون الذين يستثمرون بكثافة، رغم كل شيء.

كذلك، يقول المتحمسون للذكاء الاصطناعي إن الحديث المستمر عن الفقاعة يثبت أنها ليست فقاعة، لأن الذروة تأتي عندما يختفي القلق ويشيع التفاؤل المبالغ فيه. وربما يكون ذلك صحيحاً، لكن يجب ألا ننسى أن القلق كان في الواقع يتزايد قبل انهيار فقاعة الإنترنت. كذلك، فقد حذر بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو من شبح أزمة عام 1929، قبل ذلك بعام كامل. وردد العديد من كتاب الأعمدة والاقتصاديين تلك المخاوف، وكذلك فعل العديد من المستثمرين المؤسسيين. تمامًا كما هي الحال اليوم.

ثالثا - الإفراط في الاستثمار: لقد تجاوز الاستثمار في التكنولوجيا مؤخراً 6% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، متجاوزًا بذلك الرقم القياسي المسجل في عام 2000. وتضخ الشركات رؤوس أموال ضخمة في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، ومحطات الطاقة لتشغيلها، بقيادة الشركات العملاقة. وبحساب الشركات السبع الكبرى فقط، تضاعف الإنفاق على الذكاء الاصطناعي أكثر من مرتين منذ عام 2023 ليصل إلى 380 مليار دولار هذا العام، وهو في طريقه لتجاوز 660 مليار دولار بحلول عام 2030، فيما لا تزال العوائد المحتملة غير واضحة.

وفي مقابل كل استطلاع رأي يُشير إلى ارتفاع الطلب على الذكاء الاصطناعي بشكلٍ كبير، يُظهر استطلاع آخر عكس ذلك: أقل من 15% من الشركات الأمريكية تؤكد استخدامها للذكاء الاصطناعي، وسط مؤشرات عديدة على تباطؤ وتيرة تبنّيه. ويرى المتفائلون بالتكنولوجيا أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي سيُعوّض تكلفته من خلال خفض تكاليف العمالة والقيام بما يصل إلى 40% من المهام التي يُؤديها البشر حاليًا «في المستقبل القريب»، لكن ذلك سيعني رفع معدلات البطالة إلى 20%. فهل سيقف البشر مكتوفي الأيدي بينما تتكشف هذه التطورات؟ إن اضطراب سوق العمل بهذا الحجم يمكن أن يؤدي إلى رد فعل سياسي عنيف، وهو ما قد يُحدّ في النهاية من ثمار الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

رابعا - الإفراط في الاقتراض: حتى الآن، لا تبدو الشركات والأسر في الولايات المتحدة مثقلة بالديون. لكن الشركات السبع الرائعة لم تعد تتمتع بالسيولة النقدية التي كانت عليها قبل عام. فقد أصبحت أمازون وميتا ومايكروسوفت مدينة صافية، بعد أن كانت واحدة فقط مدينة في عام 2023. ورغم استمرار ارتفاع أرباحها، إلا أنه مع تدفق الاستثمارات الضخمة إلى الذكاء الاصطناعي، لم تعد سوى جوجل وإنفيديا تحققان أرباحًا طائلة.

في الوقت نفسه، تتراكم الديون بميزانية الحكومة، نتيجة للعجز القياسي - وهو ما يشكل خطراً كبيراً، لأنه إذا بدأ مستثمرو السندات في التشكيك والتركيز على هشاشة الوضع المالي الأمريكي، فقد يدفعون أسعار الفائدة طويلة الأجل إلى الارتفاع، مما سينعكس سلباً على الاقتصاد بأكمله. كذلك، تجاوز استخدام الرافعة المالية في الأسواق المالية قروض الهامش التقليدية لشراء الأسهم الفردية. وهناك الآن صناديق تقترض الأموال لتضخيم استثماراتها. و«صناديق المؤشرات المتداولة ذات الرافعة المالية» هذه متاحة بسهولة للمستثمرين الأفراد، وقد شهدت أصولها نمواً بمقدار سبعة أضعاف خلال العقد الماضي لتصل إلى حوالي 140 مليار دولار.

إذن، تشير جميع هذه المؤشرات الأربعة، بدرجات متفاوتة، إلى أن الذكاء الاصطناعي فقاعة، بل قد بلغت هذه الفقاعة مرحلة متقدمة. مع ذلك، يُظهر التاريخ أيضاً أنه لا توجد نقطة محددة تنفجر عندها الفقاعة تحت وطأة ضغوطها. إن العامل الثابت الوحيد للانهيار، منذ فقاعات السكك الحديدية في القرن التاسع عشر، هو ارتفاع أسعار الفائدة والأوضاع المالية المتشددة. لذا، بينما نعيش حالة فقاعة واضحة، فقد تزداد وتزداد حتى يبدأ المال الذي يغذيها بالنفاد.