الإبداع والتنوع والتعايش.. مفردات ذات مفاهيم إنسانية راقية استطاع مهرجان سكة للفنون والتصميم، خلال مواسمه الماضية، أن يلمَّ شتاتها ضمن احتفالية ثقافية واحدة على أرض دبي، ويصنع حالة من التناغم الفكري لا مثيل لها.
وخلال العدِّ التنازلي لانطلاق الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة»، أكد مبدعون لـ«البيان» أن الفعالية الفنية نجحت بإنجازاتها المشهودة في ترسيخ حرية التعبير الإبداعي، وإقامة جسور من التواصل بين المبدع والمتلقي، وفتح آفاق ملهمة من التجديد والابتكار أمام المواهب الشابة.
جهود متواصلة
وأوضح الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في «دبي للثقافة»، أن ما حققه مهرجان سكة للفنون والتصميم من نجاحات، على مدار دوراته المختلفة، يعكس مكانته وحجم تأثيره على الساحة الفنية المحلية والإقليمية.
وقال: «منذ انطلاقته، نجح المهرجان في أن يصبح جزءاً أساسياً من المشهد الفني المحلي، وحدثاً مهماً ضمن أجندة دبي، بفضل قدرته على رفد الحركة الفنية في الإمارات والمنطقة بدماء جديدة، إلى جانب إسهامه في فتح الآفاق أمام الفنانين وتشجيعهم على التعبير عن أفكارهم ووجهات نظرهم، وتمكينهم من إنتاج أعمال فنية جديدة ومبتكرة، تُبرز ثراء القطاع الفني المحلي».
وأشار إلى أن الحدث يعكس جهود «دبي للثقافة» المتواصلة لدعم المشهد الثقافي والإبداعي في دبي، من خلال توفير بيئة تُحفز على الابتكار والإبداع، منوهاً بأن «سكة للفنون والتصميم» نجح خلال نسخته الماضية في استقطاب أكثر من 120 ألف زائر من مختلف أنحاء الدولة، تابعوا إبداعات أكثر من 200 فنان ومبدع، قدموا نحو 500 عمل فني توزعت على 6 ساحات، و14 بيتاً في حي الشندغة التاريخي، إلى جانب 6 جداريات ضخمة استلهمت أفكارها من روح دبي وعراقة تراثها وتقاليدها.
وأكد بن خرباش أن الهيئة أنهت كل التحضيرات الخاصة بالنسخة الـ13 من المهرجان التي ستقام خلال الفترة من 31 يناير الجاري حتى 9 فبراير المقبل، وستتضمن مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية وورش العمل والجلسات النقاشية والحوارية، إضافة إلى سلسلة من العروض الفنية والموسيقية المختلفة، ما يسهم في تعزيز التواصل وتبادل الخبرات والمعارف بين المشاركين، ويتماشى مع أهداف الهيئة الرامية إلى ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.
إمكانات مميزة
وأوضحت الفنانة سارا الخيال، التي ستشارك للمرة الثالثة في مهرجان سكة للفنون والتصميم خلال الموسم المقبل، أن المهرجان من أبرز الفعاليات الفنية التي تحرص على المشاركة فيه؛ لما يتيحه من فرصة أمام المبدعين لعرض أعمالهم الفنية وسط إمكانات مميزة تسمح بالتفاعل الجماهيري الكبير، مشيرةً إلى ما تضمُّه تلك الاحتفالية الثقافية من حضور كثيف ينتمي إلى ثقافات مختلفة.
ولفتت إلى أن الدورات المتتالية اتسمت بالتجدد وحققت إنجازات متنوعة على مدى تاريخ المهرجان المشرِّف، موضحةً أن من أهم الفعاليات التي نالت إعجابها في أولى مشاركاتها فعالية «بيت التلي» التي تسلط الضوء على التاريخ الإماراتي في عالم الفن.
وقالت: إن إقامة المهرجان العام الماضي بحي الشندغة التاريخي في دبي أكسبته إطلالة رائعة مع الحفاظ على نكهته الخاصة التي أسهمت في تزايد عدد زوَّاره عاماً تلو آخر، مؤكدةً أن المهرجان يتميز بتنوع الأعمال الإبداعية التي يزخر بها في كل موسم؛ إذ يجمع عدداً من الفنانين أصحاب التجارب والخبرات المتباينة الذين يجدون مساحاتهم للتعبير عن أنفسهم برؤى مختلفة، وتلك هي الرسالة التي نجحت دبي في تقديمها عبر المهرجان.
مساحة فريدة
وأكد الفنان عبد الله النيادي، أحد المشاركين في مهرجان سكة للفنون والتصميم 2024، أن المهرجان نجح في تعزيز مكانة الفن بوصفه وسيلة للتعبير والتواصل في مدينة دبي، مشيراً إلى أنه تمكن من خلق مساحة فريدة يستطيع فيها الفنانون عرض أعمالهم والتواصل مع الجمهور بصورة مباشرة، كما أسهم في بناء روابط قوية بين الفنانين أنفسهم، وبينهم وبين الجمهور، ما عزز الانتماء والإلهام المتبادل.
وأوضح أن المهرجان يحمل رسالة إنسانية مميزة تجسد قيم التنوع والتعايش التي تميز دبي التي تحتضن الجميع وتدعو إلى فهم أعمق للثقافات المختلفة، لافتاً إلى أن الفن لغة عالمية يمكنها تجاوز كل الحواجز، وتوحيد الناس على اختلاف خلفياتهم، وأن هذا يعكس رؤية دبي بوصفها منصة عالمية للتلاقي والتفاهم عبر الفن.
وقال: إن المهرجان نجح في توفير بيئة مثالية لحرية التعبير والإبداع؛ فهو يمنح الفنانين مساحة لعرض أفكارهم وتجاربهم دون أي قيود، ما يتيح لهم استكشاف آفاق جديدة وتقديم أعمال مبتكرة ذات خلفيات وأساليب متنوعة، موضحاً أن هذه الفعالية تعكس مدى الانفتاح والاحتفاء بكل أشكال الفن، وتشجع الفنانين على تطوير أعمالهم واستثمار جهد أكبر في إبراز أعمالهم.
تظاهرة خاصة
ورأى الفنان بوبكر بوخري، أحد المشاركين في الموسم الـ12 من المهرجان، أن الإنجاز الحقيقي الذي نجح «سكة للفنون والتصميم» في تحقيقه هو أنه استطاع أن يجمع أكبر عدد من الفنانين في مكان واحد، مشيراً إلى أن جمهور المهرجان ذو طابع خاص ومميز.
وأوضح أن هذه الفعالية تمكَّنت من جذب الزوار غير المهتمين بالفن الذين يقبلون على المكان بهدف التنزُّه وقضاء الأوقات الممتعة، فيجدون أنفسهم يتفاعلون مع الإبداع الفني ويتعرَّفون إليه بصورة عفوية، واصفاً المهرجان بأنه تظاهرة رائعة تجمع عالماً من البشر يتعايشون بسلام بعضهم مع بعض بالرغم من تباين انتماءاتهم، ما يُحدث حالة فريدة من التناغم والانسجام الفكريين.
وتطرق إلى الحديث عن الأعمال الفنية التي تم عرضها في المهرجان خلال الموسم الماضي، لافتاً إلى أن الأنواع الفنية جميعاً كانت حاضرة على منصات الاحتفالية، بما في ذلك النحت والفنون التعبيرية والموسيقى، بل حتى السينما وعروض الأطفال كذلك.