يرصد أفكار حسن شريف وفنه ومحطات مهمة في حياته وتأثيره في المشهد الفني الإماراتي، ويعرض شهادات أصدقائه وفنانين ونقاد عملوا معه وتتلمذوا على يديه، مركزاً على منهجه المتسم بالنزعة الواقعية في أعماله، ومبرزاً مساعيه الحثيثة في تطوير الفن الحديث ورعاية المواهب، وذلك ضمن أسلوب فني يمزج بين التوثيق وعناصر شعرية وفلسفية.
معبراً عن رؤية حسن شريف مؤسس الاتجاه المفاهيمي في الإمارات ومنطقة الخليج، الذي كان فناناً مميزاً واستخدم الآلات الحادة بالمعنى الحرفي والمجازي في أعماله الإبداعية.
أو ربما التعقيدات التي تتشابك حول فكرة مركزية، هي حكاية صناعة وصراع داخلي، تتجلى فيها علاقة الإنسان المعقدة بالآلة، عندما تتحول الأداة من وسيلة إلى غاية.
وخلال مشاهد متتابعة، يسرد الفيلم حكايات الفنان الراحل، ليظهر بطلاً صامتاً تستكشف الكاميرا سحر أعماله الفنية التي استخدم فيها مواد يومية وبسيطة (الكرتون والهدايا التذكارية) لخلق قصص عن الماضي والحاضر.
كما يكشف العمل الدوافع التي دعت شريف إلى اختيار أسلوبه الفني المغاير، ليبين حرص المخرجة على إظهار الإرث التشكيلي والإنساني والفكري لحسن شريف، ومدرسته الفنية القائمة بذاتها في عالم التشكيل.
وتؤكد تفاصيل الفيلم البديعة أنه ليس مجرد سيرة ذاتية عابرة لحياة فنان، بل رحلة استكشافية عميقة في دهاليز فكره تتجاوز السرد التقليدي، مقدمة بانوراما بصرية وفكرية تخلد إرث حسن شريف، وتغوص في عمق التحولات التاريخية للفن في الإمارات التي حفلت بالتحديات الكامنة في المواجهة بين الحركة المفاهيمية والتقاليد الكلاسيكية.
ولذا فإن الفيلم لا ينحصر في كونه وثيقة تاريخية عن الفنان وحده، وإنما تتسع رؤيته لتستوعب ولادة مشهد فني جديد قاده شريف برؤية ثاقبة، وتعكس تجاربه الحياتية وصراعاته الداخلية وفلسفته التي تميل دوماً إلى البساطة.
وترسخ قضية مفادها أن الفن ليس منفصلاً عن الحياة المعيشة، بل هو نسيج متداخل معها. ويضيء العمل على براعة حسن شريف وقدرته الفذة على منح الأشياء العادية روحاً، وجعلها تنطق بهموم الإنسان المعاصر وتطلعاته، مؤكداً أن الفن الحقيقي لا يموت برحيل صاحبه، بل يظل يصدح بالإبداع في وجدان الأجيال.


