في وقت تتكثف التقارير الإعلامية الأمريكية والإسرائيلية تحديداً، عن إعادة حزب الله تعزيز قدراته الصاروخية والتسليحية، بما يوحي لمراقبين بأن الإعداد لعملية كبيرة ضده، أو عمليات تصاعدية متعاقبة، صار أمراً محتوماً، فإن الساعات الأخيرة لم تحمل جديداً يبدل صورة المخاوف من تصعيد العمليات الإسرائيلية في مناطق الجنوب والبقاع الشمالي، والتي تركزت بشكل لافت على اغتيالات كثيفة يومية في صفوف عناصر وكوادر الحزب.
وغداة الموافقة، على ما يبدو، على مقترح الموفدة الأمريكية، مورغان أورتاغوس، والقاضي بضم مدنيين إلى لجنة مراقبة وقف إطلاق النار «الميكانيزم»، وهو موقف مشترك بين الرؤساء الثلاثة، الجمهورية، جوزيف عون، والوزراء، نواف سلام، والبرلمان، نبيه بري، لا يزال لبنان يدرس خياراته للتعامل مع كل الضغوط التي يتعرض لها، لتجنب التصعيد العسكري الإسرائيلي.
وذلك، وسط منسوب الضغط الذي سجل ارتفاعاً في حرب المعلومات التي تشن على لبنان، ومن ضمنها تكرار مصادر دبلوماسية أمريكية قولها إن لبنان أضاع فرصة حقيقية، وإن أداءه لم يكن على مستوى التطلعات.
وفي السياق، أشارت أوساط رسمية لـ «البيان»، إلى أن الاتصالات مفتوحة بين الرؤساء والمسؤولين، للبحث عن صيغة تتيح تفادي المواجهة، وتتركز على كيفية الدخول في المفاوضات غير المباشرة، وإمكانية رفع مستوى التمثيل أو ضم مدنيين إلى لجنة «الميكانيزم» للمشاركة في التفاوض، وإلى أن المسؤولين توصلوا إلى موافقة مبدئية حول هذه النقطة، وإن كان الأهم هو أن تترافق مع ضغوط أمريكية جدية على إسرائيل، التي تكسر كل الخطوط الحمراء، لدفعها إلى وقف التصعيد. وأفادت معلومات عن نقاش حصل حول ضم خبراء مدنيين بحسب الحاجة. لكن التفاوض بحاجة إلى طرفين، وهذا الأمر غير متوافر الآن.
أما شكل التفاوض وزمانه ومكانه، فيحدد مسرحه لاحقاً. في المقابل، لفتت الأوساط نفسها إلى أن الشروط الإسرائيلية لا تنتهي، فكلما وافق لبنان على نقطة أو تقدم خطوة برزت أمامه شروط جديدة، أو رفعت إسرائيل سقف مطالبها أكثر.
وفي ظل التساؤلات والشكوك التي تواكب الكلام عن إمكان أن تشكل لجنة «الميكانيزم» الإطار المرجح للتفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل، بعد تطعيم اللجنة بمدنيين، من مثل خبراء قانونيين أو خبراء سياسيين أو رسميين، يرتسم مزيد من الغموض، كون التصعيد الإسرائيلي يواكب التحرك الدبلوماسي دوماً، فيما أي تقدم نحو مسار تفاوضي لم يسجل بعد، بما يسقط كل التقديرات المتفائلة باقتراب إنهاء المأزق.
إجماع
ووسط هذا المشهد المعقد، فإن ثمة إجماعاً على أن الأمور باتت واضحة، تماماً كما التشخيص، فيما المعالجات تنتظر.. فالدولة اللبنانية، بلسان رئيس الجمهورية، جوزيف عون، تقول إن الجيش اللبناني سيتصدى لأي توغل إسرائيلي.
والجيش اللبناني يواصل مهامه في الكشف عن مخازن الأسلحة التابعة للحزب. أما إسرائيل التي تقول إنها تراقب المهام التي يقوم بها الجيش، فلا ترد، بل تواصل ضرباتها على أهداف تقول إنها لحزب الله، أو مسؤولين في حزب الله.
وعليه، فإن الأمور المتعلقة بجنوب لبنان وبنزع سلاح حزب الله متوقفة عند هذا المربع، فيما كل لبنان بات في مرمى الاستهداف، مع إصرار إسرائيل على عدم الالتزام بوقف إطلاق النار والتهديد بالتصعيد، بضوء أخضر آخر من صقر الكونغرس الأمريكي، ليندسي غراهام، الذي هز العصا للبنان، وقطع الطريق على قرار رئيس الجمهورية، ورأى أن انضمام الجيش اللبناني إلى حزب الله في قتال إسرائيل يعرقل جهود مساعدة لبنان.
يقين دولي
علماً أن المبعوث الأمريكي، توم باراك، قال في آخر تصريحاته إن لبنان دولة فاشلة، معلناً في الوقت نفسه أن إسرائيل مستعدة للتوصل إلى اتفاق حدودي مع لبنان، وأن لا مشكلة بين لبنان وإسرائيل إذا تم نزع سلاح حزب الله، وما على اللبنانيين إلا اللحاق بركب المفاوضات والحرص على حدودهم. أما على المقلب الآخر من الصورة، فإن ثمة كلاماً عن يقين دولي، وتحديداً أمريكي، بدءاً من أورتاغوس إلى باراك وبينهما الإدارة الأمريكية، بأن السلطة اللبنانية ليست في وارد الذهاب إلى تنفيذ قراراتها.
