ارتفاع أعداد مرضى الربو.. وأطباء يحذرون من تأخر التشخيص

شدد أطباء متخصصون على أهمية التعامل الجاد مع الربو باعتباره أحد أكثر الأمراض التنفسية المزمنة انتشاراً في المجتمعات، مؤكدين ضرورة التشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة وفهم العوامل البيولوجية والبيئية التي تسهم في تفاوت شدة المرض بين الفئات المختلفة، فيما كشفت إحصائيات مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية عن ارتفاع ملحوظ في أعداد المرضى المصنفين ضمن مستويات الخطورة المختلفة خلال عام 2024، ما يؤكد الحاجة المتزايدة إلى استراتيجيات وقائية، وتشخيص مبكر، وخطط علاجية دقيقة ومنضبطة.

وأظهر التقرير أن فئة الخطورة المتوسطة سجلت العدد الأكبر بين المرضى بواقع 3,934 حالة، تلتها فئة الخطورة العالية بـ1,307 حالات، في حين بلغت الحالات ضمن فئة الخطورة العالية جداً 479 حالة.

كما بين التحليل أن المواطنين شكلوا النسبة الأعلى في مختلف الفئات بواقع 3,087 حالة متوسطة الخطورة، و1,090 حالة عالية، و395 حالة ضمن أعلى مستويات الخطورة، مقابل 847 و217 و84 حالة لغير المواطنين بالترتيب، وكشفت الأرقام أن الإناث سجلن معدلات أعلى عبر جميع الفئات.

وأفاد الدكتور محمد أسلم، أخصائي الأمراض الصدرية، أن المعدلات العالمية تظهر أن معدلات الربو وشدته أعلى لدى النساء مقارنة بالرجال، موضحاً أن عدة عوامل طبية وسلوكية تسهم في هذا النمط، من أبرزها التقلبات الهرمونية التي تمر بها المرأة خلال حياتها، والتي قد تزيد من حساسية الشعب الهوائية وتثير الالتهاب، علاوة على اختلافات الاستجابة المناعية، إذ تتمتع النساء عادةً باستجابة مناعية أقوى، ما يجعل مجاريهن التنفسية أكثر تفاعلاً مع المهيجات ومسببات الحساسية، ومن العوامل التي تحدث عنها التعرض الأكبر للمحفزات المنزلية مثل المواد الكيميائية المستخدمة في التنظيف، والعطور، والغبار، وهي عوامل تؤثر على النساء بنسب أعلى داخل معظم البيوت، مشيراً أيضاً إلى أن الضغوط النفسية واضطرابات النوم، تسجل بنسب أكبر لدى النساء وتعرف بأنها تؤثر سلباً على التحكم بأعراض الربو.

وراثة

وأوضحت الدكتورة إقبال مبارك سراج، أخصائية الطب الباطني أن الربو حالة طويلة الأمد تؤثر على الممرات الهوائية في الرئتين، ما يؤدي إلى التهابها وتضيقها، وهذا يجعل التنفس صعباً وقد يسبب أعراضاً مثل السعال، والصفير، وضيق الصدر، وضيق التنفس، مشيرة إلى أن نوبات الربو تشتد بفعل العديد من الأمور اليومية، بما في ذلك الغبار، وحبوب اللقاح، والحيوانات الأليفة، والدخان، والهواء البارد، والتمارين الرياضية، وتلوث الهواء، أو الالتهابات مثل نزلات البرد، علاوة على عامل الوراثة، ما يعني أنه قد ينتقل داخل العائلات، كما تشمل عوامل الخطر الأخرى التدخين، وزيادة الوزن، والعمل في بيئات تحتوي على مواد كيميائية قوية أو أبخرة أو غبار. وتطرقت أخصائية الطب الباطني الربو عند الأطفال لافتة إلى أن الذكور عرضة للإصابة بالربو بمعدلات أعلى من الفتيات، لافتة إلى أن الأطفال يكونون أكثر حساسية للمثيرات لأن رئاتهم ما زالت في مرحلة النمو، وجهازهم المناعي ما زال يتطور.

وذكرت أن التشخيص السليم، والمتابعة المنتظمة، وتناول الأدوية، وتجنب المثيرات، يساعد البالغين والأطفال المصابين بالربو أن يعيشوا حياة صحية ونشطة ومليئة بالحيوية. وأكد الدكتور أحمد الحسين أخصائي أمراض الصدر والحساسية وأمراض النوم أن الربو لا يزال من الأمراض المزمنة الأكثر تأثيراً على جودة حياة المرضى، وهو ما تعكسه أرقام الإصابات، ما يعكس الحاجة المستمرة لتعزيز برامج التوعية والتدخل المبكر، لافتاً إلى أن العامل الوراثي الذي يؤدي إلى الإصابة بالربو تستدعي دراسة أعمق، إلى جانب ضرورة استمرار برامج الفحص الدوري.

وأوضحت الدكتورة سماح العفارة أن الربو يعد من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال والمراهقين عالمياً، وهو ليس مجرد حالة تنفسية بسيطة، بل اضطراب معقد يتداخل فيه العامل الوراثي مع البيئي، ويختلف مساره في الطفولة عنه في مراحل العمر المتقدمة.

وقالت إن الربو عند الأطفال يمتلك مساراً خاصاً؛ إذ تتشابه أعراضه في السنوات الأولى مع التهابات تنفسية أخرى، ما يجعل التشخيص أكثر تحدياً، خصوصاً أن الأطفال دون الخامسة لا يستطيعون إجراء اختبارات وظائف الرئة بالشكل المطلوب.

واستعرضت الدكتورة العفارة الأعراض التي تشير إلى المرض منها السعال المتكرر، الأزيز، ضيق التنفس، وتراجع النشاط، مشيرةً إلى أن التشخيص المبكر والمتابعة الدورية يمنحان الطفل فرصة حياة يومية طبيعية بعيداً عن النوبات الحادة.

وقالت الدكتورة سوبريا سوندارام استشارية أمراض الرئة إن طبيعة المرض متغيرة بطبيعتها، إذ يمكن أن تتبدل شدته خلال اليوم من الصباح الباكر وحتى الليل، وتلفت إلى وجود أنواع متعددة من الربو مثل ربو الجهد، والربو التحسسي، وبعض الأنماط الوراثية، مؤكدة أن التدخين يزيد الأعراض سوءاً ولا يساعد إطلاقاً في السيطرة على المرض.

وأضافت: إن ضيق التنفس والأزيز هما العرضان الأكثر شيوعاً، بينما قد يكون السعال هو العرض الأبرز لدى الأطفال، لافتة إلى أن ظهور أي من هذه الأعراض يستدعي استشارة طبية فورية.

وقالت إن طرق تشخيص الربو وعلاجه شهدت تطوراً كبيراً وملحوظاً، وبات من الممكن تحديد نوع الربو بدقة أكبر، ما يتيح خطة علاج مخصصة لكل مريض، داعية كل من يعاني صعوبة في التنفس إلى إجراء فحص رئوي شامل لاستبعاد الربو أو تأكيده ووضع خطة علاجية مناسبة.