يحظى قطاع الإسكان في الإمارات بمكانة محورية جعلته إحدى أبرز ركائز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فمنذ اللحظات الأولى لقيام الاتحاد، أدركت القيادة الرشيدة أن توفير المسكن الملائم للمواطن يشكل أساس الاستقرار الأسري، وبداية الطريق نحو حياة كريمة تتوافق مع رؤية الدولة في بناء مجتمع متماسك ينعم بالرفاهية ويشارك بفاعلية في مسيرة التطور الوطني.
ومن هذا المنطلق، وجهت الدولة استثمارات ضخمة بمليارات الدراهم نحو تطوير مشاريع إسكانية واسعة النطاق، شملت إنشاء وحدات سكنية عصرية، وتخصيص أراضٍ مجهزة بأرقى البنى التحتية، في خطوة تعكس التوجه الاستراتيجي نحو تعزيز جودة الحياة وتوفير بيئات سكنية آمنة ومتكاملة للمواطنين.
قفزات نوعية
على مدى العقود الخمسة الماضية، شهد قطاع الإسكان قفزات نوعية، نقلته من مرحلة بناء المساكن الشعبية المنتشرة في مناطق متفرقة، إلى إنشاء مجتمعات سكنية متكاملة تعتمد أحدث المعايير العمرانية وتقنيات البناء الذكي.
وتضم هذه المجتمعات مرافق خدمية متكاملة تشمل المدارس، والمراكز الصحية، والمساجد، والحدائق، والمرافق التجارية والترفيهية، إضافة إلى شبكات طرق ومواصلات حديثة، وبنية تحتية رقمية تواكب توجهات الدولة في الاستدامة والتحول الذكي.
النهضة الإسكانية التي حظي بها المواطنون لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة رؤية استراتيجية بعيدة المدى جعلت من الإسكان مشروعاً وطنياً مستداماً، تستند إليه السياسات الحكومية الهادفة إلى تعزيز تماسك المجتمع الإماراتي واستقراره.
وإيجاد بيئات سكنية جاذبة ومزدهرة ترفع من جودة حياة المواطنين. وانطلاقاً من ذلك، تواصل الدولة العمل حتى شملت النهضة الإسكانية مختلف فئات المجتمع.
حلول مرنة
ولضمان استدامة هذا التقدم، خصصت الميزانيات الاتحادية والمحلية سنوياً مبالغ ضخمة لبرامج الإسكان، إدراكاً من القيادة الرشيدة بأن توفير المسكن الملائم ليس مجرد خدمة حكومية، بل ركيزة أساسية في بناء مجتمع متماسك وقادر على التطور.
وأسهم هذا الاستثمار المستمر في توفير حلول سكنية مرنة تستجيب للنمو السكاني وتحقق التوازن العمراني في مختلف المناطق. وتعتمد الدولة نماذج متنوعة تلائم مستويات واحتياجات المواطنين، من بناء مساكن جاهزة إلى توفير أراضٍ سكنية مجهزة بالبنية التحتية، مروراً بمنح القروض السكنية المدعومة التي يتم تسديدها بشروط ميسرة.
إضافة إلى خيارات للبناء الذاتي وشراء المساكن الجاهزة. كما تعتمد الإمارات نهج الشراكة مع القطاع المصرفي عبر برامج تمويل مشتركة، ما يسمح بتسريع حصول المواطنين على السكن.
وتشمل السياسات الإسكانية الحديثة معايير مرنة تراعي احتياجات الأسر الكبيرة والممتدة، وأوضاع كبار السن، بما يسهم في تعزيز الترابط الاجتماعي داخل المجتمع.
وتشير بيانات العام الحالي إلى أن نسبة تملك المساكن بين المواطنين بلغت نحو 91%، وهي من أعلى النسب عالمياً، ما يعكس فاعلية السياسات الإسكانية وقدرتها على توفير السكن لغالبية الأسر الإماراتية.
وتوضح البيانات أن الدولة قدمت ما يقارب 221 ألف مساعدة سكنية بقيمة إجمالية بلغت 236 مليار درهم، وهو رقم يكشف حجم التزام القيادة الراسخ بتعزيز الأمن السكني للمواطنين.
مبادرات وطنية
رغم الإنجازات الكبيرة، تتعامل القيادة الرشيدة مع الإسكان بصفته ملفاً ديناميكياً يتطلب تطويراً مستمراً، حيث تظهر السياسات والمبادرات الوطنية المتواصلة التزام الدولة بتطوير رؤية استراتيجية واضحة ومتكاملة، تعزز الرفاه الاجتماعي والتنمية المستدامة، بهدف جعل الإمارات نموذجاً يحتذى في المنطقة والعالم.
ومن هذا المنطلق، جاءت السياسة الوطنية للمجتمعات السكنية الحيوية، والتي تتضمن مجموعة من الضوابط والمعايير الخاصة بالمجتمعات السكنية في الدولة، وذلك لتطوير وتعزيز التجارب الحياتية، وتقديم نموذج جديد في الحياة بما يتوافق مع رؤية الإمارات وأجندتها الوطنية وصولاً إلى مئوية الإمارات 2071.
وتركز السياسة الوطنية على تحديد مبادئ ومعايير جديدة لتوفير مجتمعات سكنية تعزز جودة حياة السكان والمجتمع، بما ينسجم مع أهداف الأجندة الوطنية لجودة الحياة، لتطوير مدن ومجتمعات حيوية ذات مرافق وبنية تحتية متكاملة، وترسيخ ثقافة وطنية تشجع الترابط المجتمعي ونمط الحياة الصحي والنشط.
سياسات تمويلية
وتجسد السياسة الجديدة لقروض الإسكان الحكومي الاتحادي، التي اعتمدت عام 2022، حرص القيادة المستمر على إسعاد المواطنين، حيث توفر التمويل من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والمصارف الوطنية، بما يدعم المستهدفات المرتبطة بتقليص فترة الانتظار للطلبات.
ويستهدف برنامج التمويل الإسكاني إصدار 13 ألف قرار إسكاني خلال الفترة 2022 - 2026 بتكلفة 11.5 مليار درهم، لتلبية الاحتياجات المستقبلية لمواطني الدولة، والتي تهدف بمجملها إلى تعزيز الاستقرار الأسري وتحقيق الرخاء والحياة الكريمة والآمنة للمواطنين.
حزم متنوعة
ترجمت دفعة المبادرات الطموحة للعام الجاري (عام المجتمع)، أهمية ملف الإسكان في توجيهات القيادة الرشيدة لتسريع الإجراءات، وتحديث المنظومة الرقمية، وتوفير حزم متنوعة من التمويلات الجديدة.
كما تم تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمطورين العقاريين لتوفير حلول مبتكرة وأسعار أفضل للمواطنين، مع توجيه فرق العمل لإنشاء مرصد وطني للبيانات الإسكانية يربط الجهات الحيوية في الدولة، بما يشمل بيانات حضرية وسكانية وائتمانية تساعد في اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة، وهو خطوة استراتيجية نحو تبني التخطيط الذكي القائم على البيانات.
إنجازات محلية
وعلى المستوى المحلي، تواصلت الجهود لتوفير الحلول الإسكانية، حيث واصلت أبوظبي تنفيذ مشاريع إسكانية ضخمة تهدف إلى توفير آلاف المساكن الحديثة للمواطنين، وأعلنت مؤخراً عن اتفاقيات لتطوير 13 مجتمعاً سكنياً جديداً توفر ما يزيد على 40 ألف وحدة وأرض سكنية، بتكلفة تصل إلى 106 مليارات درهم، وتشمل هذه المشاريع بناء 25 ألف وحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى تطوير أكثر من 14 ألف أرض سكنية.
تسهيلات مالية
كما اعتمدت الإمارة تسهيلات مالية جديدة تشمل دعماً مجتمعياً بقيمة 250 ألف درهم تخصم من قيمة القروض السكنية، وتمديد فترة سداد القروض إلى 30 عاماً للتخفيف عن المواطنين.
وقد شهد عام 2025 صرف حزمتين من المنافع السكنية بقيمة 11.38 مليار درهم استفاد منها 7218 مواطناً، إضافة إلى استمرار العمل على تطوير 45 ألف منفعة سكنية يتوقع الانتهاء منها بحلول 2029.
وفي دبي، يتواصل العمل على بناء نموذج حضري واجتماعي متطور يضع المواطن في قلب التخطيط، وشهد العام الحالي الإعلان عن مشاريع إسكانية بقيمة 5.4 مليارات درهم تشمل 3004 مساكن جديدة، فضلاً عن اعتماد حزمة إسكانية بقيمة تزيد على 2 مليار درهم تضم أكثر عن 1100 وحدة في مناطق مختلفة.
كما وقعت الإمارة اتفاقية لتنفيذ مشروع إسكان ميسر يوفر في مرحلته الأولى أكثر من 17 ألف وحدة للكفاءات العاملة، وبلغ عدد التسهيلات السكنية المقدمة من مؤسسة محمد بن راشد للإسكان خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 3027 تسهيلاً بقيمة فاقت 1.725 مليار درهم.
وفي الشارقة، واصل المجلس التنفيذي تعزيز منظومة الإسكان من خلال اعتماد الدفعة الأولى من منح الأراضي السكنية والاستثمارية لـ2000 مستحق موزعين على مدن الإمارة، إضافة إلى تخصيص 335 مليون درهم لدعم 431 أسرة من الحالات الحرجة، وتسليم مساكن جاهزة لجميع المستفيدين.
كما تعمل الإمارة على إعداد دراسة إسكانية شاملة تمتد حتى العام 2050 تهدف إلى وضع خطة طويلة المدى تستند إلى تقييم دقيق لقطاع الإسكان واستشراف الاحتياجات المستقبلية المتوقعة، مع التركيز على تبني تقنيات بناء حديثة ومستدامة تسهم في تطوير القطاع وتحسين كفاءته.
رؤية مستقبلية
تواصل دولة الإمارات ريادتها في ملف الإسكان بمتابعة حثيثة من قبل القيادة الرشيدة، ضمن استراتيجية وطنية متكاملة تستهدف تطوير قطاع الإسكان في مناطق الدولة كافة، بما يخدم المواطنين ويحافظ على ديمومة الاستقرار والرفاهية.
ويعد قطاع الإسكان أحد أهم مسارات النموذج التنموي، والمحرك الرئيس لمحاور التنمية المستدامة كافة، وصولاً إلى تحقيق مئوية الإمارات 2071.
221.000
مساعدة سكنية قدمتها الدولة بقيمة 236 مليار درهم
استثمارات ضخمة بمليارات الدراهم لتطوير مشاريع إسكانية واسعة النطاق
رغم الإنجازات الكبيرة.. القيادة تتعامل مع الإسكان بصفته ملفاً ديناميكياً يتطلب تطويراً مستمراً
13.000
قرار إسكاني بتكلفة 11.5 مليار درهم مستهدفات «برنامج التمويل» ما بين 2022 و2026
13
مجتمعاً سكنياً جديداً أعلنت أبوظبي مؤخراً عن اتفاقيات لتطويرها بتكلفة تقديرية 106 مليارات درهم
25.000
وحدة سيتم بناؤها خلال السنوات الخمس المقبلة وتطوير 14 ألف أرض سكنية