سلام في مهب الريح.. "تسريب ويتكوف" يفجّر انقساماً جمهورياً حول دور ترامب في أوكرانيا

تصاعدت حدة الانتقادات داخل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة بعد الكشف عن تفاصيل مكالمة مسرّبة لمبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، يُشتبه في أنه قدّم خلالها «توجيهات» لموسكو بشأن كيفية تمرير خطة السلام المقترحة عبر الرئيس الأميركي، بحسب «الغارديان».

وكانت تسريبات حصلت عليها وكالة "بلومبرغ"، فجرت جدلاً واسعاً في واشنطن، حيث سُمع صوت المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا ستيف ويتكوف وهو يقدّم نصائح مباشرة لمستشار الكرملين يوري أوشاكوف حول كيفية التعامل مع الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك كيفية إدارة اتصالات موسكو قبل زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للبيت الأبيض. وفي التسجيل، يقول ويتكوف إنّ الوصول إلى اتفاق سلام يتطلب منح روسيا السيطرة الكاملة على إقليم دونيتسك، وربما مقايضة أراضٍ إضافية، في ما اعتُبر انحيازاً واضحاً لصالح الموقف الروسي.

التسريب أثار موجة غضب في الكونغرس؛ إذ وصف النائب الجمهوري دون بايكن ويتكوف بأنه «لا يمكن الوثوق به» وطالب بإقالته فوراً، بينما اعتبر النائب الديمقراطي تيد ليو أن ما حدث «خيانة فعلية». وفي المقابل، دافع ترامب عن مبعوثه قائلاً إنّ «هذا ما يفعله أي مفاوض محترف»، فيما دعا المبعوث الرئاسي ريتشارد غرينيل إلى معاقبة المُسرّب بدلاً من ويتكوف. وقد أكّد الجانب الروسي صحة الاتصال، في حين يرى مراقبون أن البنود المسربة من الخطة الأميركية، والتي تشمل تسليم دونيتسك واعتبارها منطقة منزوعة السلاح مع الاعتراف الدولي بها كأرض روسية، تمثّل تنازلاً كبيراً لا يحظى بإجماع داخل الإدارة الأميركية ولا لدى الحلفاء الأوروبيين.

وقال السيناتور الجمهوري روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إن «خطة السلام المزعومة تعاني مشكلات حقيقية، ولست واثقاً إطلاقاً من أنها ستقود إلى السلام». وازدادت المخاوف بعد أن أفاد تقرير صحفي بأن ويتكوف قدّم إرشادات للكرملين حول كيفية التعامل مع ترامب، وفق ما أورده جوزف جيديون.

وانضم إلى موقفه النائب الجمهوري برايان فيتزباتريك الذي اعتبر أن التسريب «سبب إضافي لوقف هذه الاجتماعات الجانبية السرية»، فيما لمح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إلى ضرورة أن «يعيد ترامب النظر في مستشاريه».

ردود الفعل في المعسكر الموالي لترامب لم تتأخر، إذ وصف نائب الرئيس جي دي فانس تصريحات ماكونيل بأنها «هجوم سخيف»، في حين قال دونالد ترامب الابن إن ماكونيل «يمارس رد فعل انفعالياً ضد والده».

الأوساط الأميركية المنخرطة في دعم أوكرانيا أعربت عن غضب عميق إزاء المسار الذي يدفع إليه البيت الأبيض. ونقل بن ماكوش عن أحد قدامى قوات العمليات الخاصة الأميركية الذين درّبوا القوات الأوكرانية قوله: «هذه خيانة كاملة من ترامب.. لكن هل يفاجئكم ذلك حقاً؟». كما وصف خبير سابق في «الناتو» الخطة بأنها «هزلية»، معتبراً أن الدافع الرئيسي وراءها هو «المال، وليس السلام».

من الجانب الروسي، قال يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الروسي، إن «المفاوضات جادة»، وإن مسودة الخطة «تستحق تحليلاً معمقاً». وأوضح أن بعض بنود الخطة يمكن النظر إليها بإيجابية، بينما «تتطلب بنود أخرى نقاشاً تقنياً متخصصاً»، وسط انتقادات واسعة للخطة باعتبارها «قائمة أمنيات روسية» أكثر من كونها مبادرة دبلوماسية.

أوروبا تحذّر

عل الجانب الآخر من الأطلسي، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من «أي محاولة لاقتطاع أحادي لحدود دولة أوروبية ذات سيادة»، مؤكدة أن روسيا «لا تظهر أي علامات على رغبة حقيقية في إنهاء الحرب». ورغم الترحيب بتحرك ترامب نحو وقف القتال، أكدت فون دير لاين أن أوروبا تملك «مخاوف كبيرة» من تفاصيل الخطة المؤلفة من 28 بنداً.

وقالت: «إذا قمنا اليوم بشرعنة تغيير الحدود بالقوة، فإننا نفتح الباب لمزيد من الحروب غداً.. وهذا أمر لا يمكن السماح به».

تحليل بيانات «معهد دراسات الحرب» الأميركي يُظهر أن القوات الروسية سيطرت خلال عام 2025 على نحو 467 كيلومتراً مربعاً شهرياً، وهو معدل أعلى من العام السابق. وتواصل موسكو الضغط على أربعة محاور رئيسية في دونيتسك: ليمان، سيفرسك، كوستيانتينيفكا، وبوكروفسك. وسقوط هذه المناطق سيضع آخر المدن الكبرى الأوكرانية في الإقليم (سلافيانسك وكراماتورسك) تحت تهديد مباشر.

في السياق الاقتصادي، أعلن صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مبدئي على برنامج تمويل جديد بقيمة 8.2 مليارات دولار على مدى أربع سنوات، بدلاً من برنامج الدعم السابق البالغ 15.6 مليار دولار. وقال الصندوق إن «الحرب الروسية تواصل إلحاق أضرار جسيمة بالشعب الأوكراني وباقتصاد البلاد».