وقفة مع جمعيات النفع العام " 1 - 2 "

في سياق التعثر الذي تشهده بعض جمعيات النفع العام في الدولة، سواء على شكل خلافات مشتعلة تحت سطح مجالس إدارتها، أو في جمود أنشطتها، وعدم إقبال الجمهور عليها، يكون من الضروري الحديث عما آلت إليه أوضاعها اليوم من باب التصحيح ومراجعة الأخطاء، دون أن ننكر مجموعة الزيارات الميدانية التي قامت بها وزارة تنمية المجتمع للجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، بغرض دراسة أوضاعها الحالية، والارتقاء بكل ما من شأنه تنظيم العمل فيها، ورفع كفاءة العاملين، ولقد أدخلت الوزارة بعض التعديلات على القانون المنظّم لسير الجمعيات!

وكشخص يعمل في مجال الكتابة الصحافية منذ فترة طويلة، ولي صلة وثيقة وعضوية ببعض الجمعيات، أستطيع التأكيد أن هذا المجال بحاجة لإعادة نظر، ومراجعة أو مكاشفة صريحة لآليات العمل ونمط العلاقات والتركيبة الداخلية لمجالس الإدارات، والسلطات الممنوحة لمجلس الإدارة، كما أن هناك ما يتجاوز ذلك، وأعتبره أكثر أهمية وضرورة!

إنه يتعلق بإحياء دور الصحافة في مراقبة الشأن العام، وهذه الجمعيات شأن عام، طالما تقدم خدمات للجمهور، وتنفق من المال العام المقدم لها كدعم لتسيير أنشطتها وأعمالها، فلا يجوز أن تبعد الصحافة يدها عنها، ولا يجوز أن تكون هذه الجمعيات بعيدة أو فوق النقد، فلسنوات طويلة جداً كان الصحفي الذي يرسل من قبل صحيفته يحضر لمجرد تغطية النشاط المقام في الجمعية، ثم اختفى الصحفيون، وأصبحت الجمعيات ترسل ملخصات جاهزة، أو بيانات صحفية، وهذا خطأ كبير لا بد من الإشارة إليه والاعتراف به، فهذا ليس صحافة، هذا ليس أكثر من دعاية ونشر أخبار!!

اليوم ونحن نشهد قمة المليار متابع، ومجلس خبراء الإعلام، واحتفالات جمعية الصحفيين بيوبيلها الفضي، يتوجب علينا أن نتساءل: أين هي الصحافة الناقدة؟ الصحافة التي ترفع سقف الأسئلة وتثير القضايا الحيوية، وتراقب أداءات الموظفين العامين ومؤسسات المجتمع المدني، لا بد من رفع صوتها ويدها، ولا بد أن تكون موجودة، بعيداً عن ديباجات المديح، أو التهويل، أو نشر الإنجازات، فهناك خلل، وهناك فشل، وهناك شخصيات تقود مؤسسات المجتمع المدني نحو الجمود وتفرغ دورها، وهذا ما لا يجوز تركه يستمر طويلاً.