الوعي.. وكيف يتشكل 2-1

شاركت منذ ثلاثة أيام في جلسة ثقافية ضمن مهرجان الشارقة للآداب في نسخته الأولى، الذي أرجو صادقة أن يستمر ويتطور، لينضم إلى مجموعة هائلة من الفعاليات الثقافية العريقة التي تشكل في مجموعها سياقاً ثقافياً قوياً معبراً عن وجه الشارقة والإمارات الإنساني والحضاري الذي نعتز به جميعاً في الإمارات، ويعتز به كل عربي.

دارت الجلسة حول مفهوم «تشكيل الوعي»، وتناولت دور كتاب المقالات في ذلك، وأنا هنا لست بصدد مراجعة ما قيل في الجلسة، لكنني أرى أنه من المهم التأكيد على ما قيل فيها، وما لم يسعفنا الوقت لتناوله والتطرق له.

إن التطرق للمفاهيم الأساسية التي نتداولها بشكل دائم أمر في غاية الضرورة، فكلنا نتحدث عن الوعي والإدراك والرأي العام والنخب وقادة الرأي وصناع الرأي والاختيار، وغيرها من المفاهيم والمصطلحات، لكن كثيرين منا لا يعرفون معناها على وجه الدقة، البعض يتناولها على طريقة «ولكن شبه لهم»؛ أي هو يظن أو يتراءى له أنه مدرك لحقيقتها، لكن الحقيقة عكس ذلك.

كان «ديستوفسكي»، أعظم كتّاب روسيا، يرى أن اكتمال وعي الإنسان وإدراكه الحياة فرصة حقيقية تمنحه الحق في الاختيار، فإما أن يختار الصمت والانطواء للأبد، وإما أن يصبح ثرثاراً في وجه كل شيء. «اكتمال الوعي»، وليس القليل من الوعي، إنما اكتماله ومنتهاه! فهل وصلنا لذلك؟ وكيف تشكل وعينا ابتداءً؟ ثم كيف يمكن لأحدنا أن يمتلك اكتمال الوعي؟

نقول في عاميتنا الإماراتية: «فلان واعي»؛ أي عكس نائم، ويقول اللبنانيون للشخص الذي صحا لتوّه من النوم: «خذ وعيك وكلمني»، فحالة الوعي هي حالة إدراك الإنسان لما يحيط به، كما أن حواسه تحيط بكل شيء، فهو يسمع ويتحدث ويشعر ويحس ويتفاعل ويتخذ مواقف وردات فعل؛ أي أنه واعٍ، وليس بنائم أو غائب أو مغيّب. هذا هو الوعي، وهو مصداق ما عرفه قاموس كامبردج، الذي يشير إلى أن الوعي هو «حالة دراية المرء بمحيطه والاستجابة له»، وهو كذلك «حقيقة دراية العقل بنفسه وبالعالم»، فكيف نصل لحالة الوعي هذه؟