حفل تنصيب أمريكا

الذين تابعوا حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الـ47 دونالد ترامب، في قاعة الكابيتول يوم الاثنين الماضي، بكل الرسائل والإشارات المعلنة والخفية والمبطنة والغامضة، أيقنوا أن ترامب أراد لحفل تنصيبه أن يكون كما ظهر للعالم بالضبط، لم يمازح أحداً بلا سبب حتى زوجته ميلانيا ترامب عندما أراد أن يطبع على خدها تلك القبلة الرسمية العائلية حالت قبعتها العجيبة دون ذلك، لقد كان حفلاً عاجاً بالرسائل، وما لم تقله عيون ووجوه الحاضرين أكثر مما قيل، لكن البروتوكول والدبلوماسية ضبطا إيقاع الجميع.

إيلون ماسك (كنموذج) والذي تمّ تعيينه وزيراً مشاركاً في وزارة الكفاءة الحكومية الجديدة، التي أسسها الرئيس دونالد ترامب، كان نجم الحفل لكنه ليس الوحيد فكل الحضور كانوا نجوماً، وتحديداً أولئك الذين ينتمون لمجال التقنيات المتقدمة والإعلام الرقمي، هؤلاء جاءوا ليبعثوا رسالتين: الأولى عن دور التقنية المستقبلي في حكم العالم وتشكيل واقعه ومستقبله، والثانية عن مكانة رجال المال أصحاب الثروات الفلكية (إيلون ماسك وحده تتجاوز ثروته 300 مليار دولار!! هل تتخيلون ذلك؟!)، وهنا فإن على العالم أن ينسى كل شيء ويتذكر أن أمريكا هي قلعة الرأسمالية والرأسماليين وأباطرة المال قبل كل شيء!

المال والتكنولوجيا رسالة ليست لنا، ليست لسكان العالم الثالث، هي للصين أولاً، فهذا العملاق هو أكثر ما يخشاه ترامب، ومعركته ستكون مع الصين ونفوذ الصين المتفشي في مناطق النفوذ الأمريكي: الخليج والشرق الأوسط تحديداً، من ثم فإن الرسالة التي تنتج عن كل هذه الصور هي: أمريكا عظيمة (سوبر باور) وستبقى أرض الأحلام لكل من نسي هذه الحقيقة.

العائلة الكبيرة، وقيم العائلة، الزوجة المتزنة، الأناقة المفرطة، البذخ والغنى والصيت، أمريكا الإنجيليّة المتدينة، حليفة إسرائيل الأولى، القوية، التي لا يهمها أحد ولا تعنى برضا أحد، والتي يوقع رئيسها في أول يوم لتنصيبه على إقرار إلغاء 100 قرار وأمر تنفيذي حتى ما كان منها متعارضاً مع الدستور، وليقم من أراد برفع القضايا عليه فهو رئيس محمي بالحصانة الرئاسية. هذه هي الصورة التي أراد حفل التنصيب أن يصدرها للعالم، إعادة تنصيب أمريكا رئيسة للعالم وليس تنصيب ترامب فقط!