هل كل شيء هادئ بالفعل!

لا تقل كل شيء هادئ ولا جديد في الأفق، فهذا تعبير يشير إلى التذمر والرغبة في قلب الطاولة في وجه الواقع، وهو تعبير أو معنى مستمد من عنوان الرواية الشهيرة للروائي الألماني إريك ماريا ريمارك، والتي ترجمت إلى العربية بـ(كل شيء هادئ على الجبهة الغربية)، الذي تحول في الدارجة الإنجليزية إلى تعبير مجازي عن استمرار حالة الركود والحاجة الماسة لتغيير ملموس وسريع!

تحكي الرواية باختصار قصة جيلٍ من الرجال الذين - مع أنهم نجوا من قذائف الموت في الحرب - إلا أنهم دُمّروا تماماً بسببها. لا تركز الرواية على مشاهد البطولة والتضحيات البطولية ومواقف الرجولة والشجاعة، بل على التحدي والانتصار الذي حققه هؤلاء على الظروف التي وجدوا أنفسهم في خضمّها.

إن الفقدان الهائل للحياة وأنت وسط الحرب والموت يروح ويغدو معك كظلك، مقروناً بالمكاسب التي لا تكاد تذكر في كسب معركة هنا أو الاستيلاء على موقع هناك.. إن ما يحدث في الحرب هو أن حيوات هؤلاء الجنود كانت لا ترى ولا قيمة لها من قبل ضباطهم الذين يقبعون في راحةٍ بعيداً عن المواجهة متجاهلين الرعب اليومي على الخط الأمامي للجبهة، حيث الرتابة التي تحكم قبضتها على الروح والوقت ما بين المعارك، التهديد المستمر من قبل المدفعية والقصف المضاد، الكفاح من أجل إيجاد الطعام، نقص المعرفة والتدريب لدى المجندين الشباب الذين اقتيدوا للمعارك دون سابق معرفة وهذا يعني فرصاً أقل في النجاة، الفرص الضئيلة والعشوائية في الحياة أو الموت كل ذلك تفصله الرواية بشكل مذهل.

الرواية بهذه الأجواء عندما صدرت في العام 1929، سجلت أعلى نسبة مبيعات، حيث بلغت أكثر من مليوني نسخة، لكنها منعت من التوزيع والنشر في ألمانيا النازية، فاضطر كاتبها للمغادرة والعيش في سويسرا.
«.. على الرغم من أن الرفاق شبان ولكن الشباب غادرهم..»

هكذا يبدأ الفصل الأول من الرواية في تفصيل الدمار الداخلي الذي كان يتمدد في داخل الجنود وحولهم .. لذلك فكل شيء هادئ في الجبهة الغربية لا يعني أن كل شيء هادىء فعلاً . بل يعني كل شيء بحاجة لنسف لأن وراء هذا الهدوء كوارث بلا حدود ! فكم حياة حولنا تشبه تلك الجبهة الغربية التي كانت هناك ؟؟