قصة أغنية «من آمده أمْ» لغوغوش

أغنية «من آمده ام، واي واي، من آمده أم.. عشق فرياد كند»، وترجمتها بالعربية «إني مقبلة إني مقبلة لصرخة العشق»، أغنية فارسية جميلة، ذاع صيتها، وتعدى نجاحها وشهرتها محيطها الجغرافي، وما زالت حاضرة في ذاكرة الملايين بكلماتها الجميلة، وموسيقاها الرائعة على الرغم من انقضاء نحو نصف قرن على ظهورها الأول.

وبالمثل فإن مؤدية الأغنية المطربة والممثلة الإيرانية «فائقة آتشين» الشهيرة باسم «غوغوش»، والمولودة بمنطقة «سر تشسمة» في طهران سنة 1950 لأبوين آذاريين هما: البهلوان ولاعب السيرك «صابر إبراهيم آتشين»، وزوجته «نسرين صبحي نوري»، اشتهرت على نطاق واسع منذ أن أطلقت ألبومها الغنائي الأول تحت اسم «نافذتان» سنة 1970، وزادت شهرتها في أعقاب تأدية «من آمده أم» بإطلالة وحركات إيقاعية مميزة، وقيامها بإطلاق نحو 55 أغنية بلغات أجنبية كالأسبانية والإيطالية والفرنسية، ومشاركتها بالتمثيل والغناء في عدد من الأفلام الإيرانية في الستينيات والسبعينيات زمن النظام الشاهنشاهي.

هذا علماً بأن «غوغوش» وهو اسم فارسي خالص من مقطعين بمعنى «شادية الألحان»، وليس تركيا أو أرمنيا كما تردد، فضلت البقاء داخل إيران بعد تغيير نظامها السياسي، الذي منعها من الغناء والتمثيل، وحظر بث أغانيها، قبل أن تقرر مغادرة وطنها عام 2000 وتستقر في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

والجدير بالذكر أن غوغوش نشرت رسالة إلى معجبيها حول العالم عبر حسابها الشخصي على مواقع التواصل في سبتمبر 2023، قالت فيها إنها لم تكن لتقرر الاعتزال لولا أنها مضطرة لذلك (ربما في إشارة ذات صلة بأخبار حول إصابتها بمرض الباركنسون أو الشلل الرعاش)، وإنها سوف تنهي مشوارها بجولة غنائية في عدد من المدن مثل سانت خوزيه في كاليفورنيا،وستوكهولم السويدية، وهانوفر وشتوتغارت الألمانيتين، وفيينا النمساوية ولاس فيغاس الأمريكية، مضيفة أنها كانت تتمنى أن تكون آخر محطاتها الغنائية داخل وطنها لولا نظامه الحالي الخانق المعادي للحريات.

الكثيرون ربما لا يعرفون قصة ميلاد «من آمده أم»، ويجهلون اسم ملحنها، وكاتب كلماتها.

في 18 يناير سنة 1976 سافرت غوغوش إلى أفغانستان، وكان الغرض من زيارتها هو الالتقاء بالموسيقار والشاعر الغنائي الأفغاني جليل زلاند، الذي قدم لها أغنية «من آمده أم» من كلماته وألحانه، فغنتها أمامه، ثم غنتها في طهران، بعد أن طور موسيقاها الملحن ومغني البوب الإيراني وعازف الساكسفون الشهير ومؤسس فرقة القطط السوداء «حسن شماعي زاده» المولود في أصفهان سنة 1943، والذي تجاوز عمره اليوم الثمانين عاماً،

وللذين لا يعرفون «جليل زلاند» أو لم يسمعوا به فهو شاعر غنائي أفغاني كان يكتب بالفارسية الدارية، التي يتحدث بها الأفغان من العرقية الطاجيكية، وملحن من العصر الذهبي لأفغانستان.

ولد في عام 1935، وعمل في كابول قائداً لأوركسترا الإذاعة الأفغانية، حيث ألف نحو 30 مقطوعة موسيقية شرقية وغربية، ولحن أكثر من نشيد وطني لبلاده.

وبسبب أهوال الحرب الأهلية المدمرة في أفغانستان هاجر من بلاده إلى الولايات المتحدة، وتوفي هناك في عام 2009، تاركاً خلفه أسرة موسيقية مكونة من أبنائه فريد وشهلا وسهيلة ووحيد ومينا وميرواعظ ومحمود.

وأخيراً، فإن هناك من العرب من كتب عن غوغوش مشبهاً إياها من حيث الموهبة والسيرة والشهرة والبدايات بالنجمة المصرية لبلبة، قائلاً إن كلتيهما احترفتا الفن في سن صغيرة، وأمضتا جُل عمريهما في محراب الفن، والفارق الوحيد بينهما أن غوغوش تركت التمثيل، وسطع نجمها في عالم الغناء، بينما تركت لبلبة الغناء، وتألقت في عالم التمثيل.