حكاية انفعال السيد راضي أمام السادات

سيد متولي راضي الشهير باسم «السيد راضي (1935 ــ 2009) ممثل ومخرج ومؤلف ومنتج، بل يعد واحداً من المخرجين الذين ساهموا في إحداث نهضة نوعية في المسرح المصري منذ ستينيات القرن العشرين. شغل منصب مدير المسرح الكوميدي في 1980 ومنصب رئيس اتحاد النقابات التمثيلية والسينمائية والموسيقية في 1983، ومنصب وكيل وزارة الثقافة والآداب في 1996.

ونال في 1992 عضوية المجلس الأعلى للثقافة، وفي 1995 حصل على عضوية المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقابات الفنية بواشنطن. كما حصل على لقب «فنان قدير» بقرار من رئيس الوزراء في سنة 1985، وذهب إلى ليبيا في 1971 فعمل هناك في بنغازي لمدة سنتين كخبير مسرحي، ثم عمل في تونس حيث أسس مهرجاني سوسة والمنستير المسرحيين.

أخرج خلال مشواره أكثر من 90 عملاً، منها 50 مسرحية من أشهرها: «البرنسيسة» سنة 1984، و«انتهى الدرس يا غبي» سنة 1975، و«الدخول بالملابس الرسمية» سنة 1979، و«القضية رقم 1» سنة 1979، و«الفهلوي» سنة 1984، و«الصعايدة وصلوا» 1989، و«سوق الحلاوة» سنة 1990، و«دلع الهوانم» سنة 1992. وظهر كممثل في أدوار مختلفة كالمريض النفسي والسجين والدجال والمحامي والطبيب والمخرج وسائق التاكسي والجواهرجي والفراش في العديد من أفلام السينما والمسرحيات والمسلسلات.

للسيد راضي قصة طريفة وقعت على مرأى من الرئيس محمد أنور السادات، رحمه الله. ففي عام 1974 قام شقيقه الأصغر المخرج محمد راضي بإخراج فيلم «أبناء الصمت» حول بطولات الجنود المصريين إبان حرب أكتوبر 1973، وما قبلها من حرب الاستنزاف في معركة «راس العش» حتى لحظة العبور وتحطيم خط بارليف ورفع العلم المصري على ضفة قناة السويس.

اختار محمد راضي لفيلمه هذا، الذي كتب قصته مجيد طوبيا، ثلة من نجوم الصف الأول مثل ميرفت أمين ونور الشريف ومحمود مرسي ومديحة كامل وأحمد زكي ومحمد صبحي وحمدي أحمد، وأضاف إليهم مجموعة من نجوم الصف الثاني كان من بينهم شقيقه السيد راضي.

وتقرر أن يؤدي النجم أحمد زكي مشهد رفع العلم المصري على ضفة القناة، والإمساك بساريته والدماء تنزف منه. غير أن ما حدث هو أن السيد راضي جاء إلى موقع التصوير مبكراً، وجلس ينتظر موعد تصوير تلك اللقطة التاريخية، وكله حماس واستعداد لخطف الدور من أحمد زكي.

وبعبارة أخرى كان الرجل الستيني يُمنّي نفسه بأداء الدور ويعتقد أن شقيقه الأصغر لن يرفض له طلباً، وسوف يتيح له الفرصة كي يحصل من وراء الدور على جائزة من الجوائز المخصصة للفيلم من يد الرئيس السادات خلال العرض الأول للعمل، والذي تقرر أن يحضره السادات باعتباره بطل العبور وقائد نصر أكتوبر 1973.

وهكذا، ما إن دارت كاميرات التصوير حتى فؤجئ الجميع بالسيد راضي يقفز ويستلم العلم ويعبر القناة سباحة ليرفعه بدلاً من أحمد زكي، دون تدخل أو استنكار من المخرج، الأمر الذي أزعج النجم أحمد زكي لكن دون أن يبدر منه رد فعل غاضب. ما حصل بعد ذلك أن محمد راضي اختلى بأحمد زكي وطلب منه أن يأتي فجر اليوم التالي لتصوير المشهد مجدداً وبطريقة سرية دون علم السيد الراضي.

أصر الرئيس السادات على أن يحضر حفلة العرض الأول وصمم السيد راضي على الجلوس بجوار السادات كي يتلقى منه التهنئة مباشرة في لحظة رفع العلم، لكن اللقطة التي تمناها لم تظهر على الشاشة وحلت مكانها لقطة أحمد زكي، فما كان منه إلا أن وقف منفعلاً وهو يصرخ بأعلى صوته: «عملتها يا محمد»، بمعنى خدعتني يا محمد راضي.

وبطبيعة الحال اندهش الجميع وراحوا يتساءلون عن سبب حدة راضي وعصبيته وصراخه. ولما علم الرئيس السادات بالقصة نادى عليه وطيب خاطره من خلال الإشادة بدوره ومشاركته في الفيلم، بل قال له مهنئاً: «الآن أصبح لدينا فنان لا يجامل أحداً على حساب فنه، حتى لو كان من سيجامله شقيقه».