القول بتوحش الزمن .. شعور بالعجز

من السلوكيات القيمة والنبيلة، محاولة المرء تهدئة روع الآخرين كلما رأى فيهم أو بينهم من أصبح خارج التوازن.

والآخرون هؤلاء، غالباً ما تتفاوت أعمارهم بين الأربعين والستين، أقل من ذلك أو أكثر، تنتابهم مشاعر نتيجة أمشاج - مزيج - من الكآبة والخوف من المجهول، فيلجؤون إلى اختصار النوبات النفسية المزعجة، بأن يلقوها على الزمن (المتوحش)، صفة باتت تجري على ألسنتهم، سهلة وشاملة تكفيهم شر التفاصيل وصداع التدقيق.

والمعاجم تفيد بأن الزمن يتهم بالـ(توحش) في نظرهم لطبيعته القاسية وتأثيره العميق.

يا لهذا الإنسان كم عانى ويعاني : (لقد خلقنا الإنسان في كَبَد). المكابدة لدى الحكماء صنو الحياة لا انفصال بينهما.

ترى، ما تلك المشاعر والتجارب العميقة الكامنة وراء إطلاق صفة (التوحش) على الزمن الذي هو علمياً ثابت؟ هو في النهاية وقت.

دراسة تقول معقولاً يكاد يكون حقيقة.

نقرأ: من أسباب وصف الزمن بالتوحش النظر إليه كقوة لا ترحم، تمضي دون توقف أو اعتبار لمشاعر، كما أن الزمن يجلب التغيير المستمر، وبعضه مؤلم وصعب، والتوحش صفة تنبع من نفس لا تقدر على التحكم بالزمن، فهو بمروره يبدو كقوة متوحشة خارجة عن سيطرة البشر.

هذه كلها إذا ما تضافرت مع الخوف من المستقبل وما قد يحمله من تحديات صعبة، ومع الحزن على مرور الأيام الجميلة وفقدان اللحظات السعيدة، مع القلق من عدم القدرة على مواكبة سرعة التغييرات التي يجلبها الزمن في عربته، حزمة المشاعر هذه هي التي تدفع إلى السطح لدى الإنسان شعورين: شعور العجز أمام حتمية الزمن وعدم القدرة على تغيير مساره، وشعور الندم على الفرص الضائعة والوقت الذي مر دون استثماره بالشكل الأمثل.

لنردد (ما أطيب العيش لو أن الفتى حجرٌ - تنبو الحوادثُ عنه وهو ملمومُ) للشاعر تميم بن مقبل.