محمد حسين هيكل«رائد القصة الحديثة»

فن القصة كما نعرفه اليوم - في شكله الأخير- من الفنون الأدبية الجديدة، ساعد على نشأته الاتصال بالآداب الأوروبية، والاحتكاك بالأدباء الأوروبيين، مما ساعد على رواجه.

والفضل في ذلك للأديب الكبير - رائد القصة في العصر الحديث - «محمد حسين هيكل» صاحب رواية «زينب» التي صدرت سنة 1914م، حيث أبدع في وصف حياة الريف والفلاحين بصورة مبتكرة وغير مسبوقة.

«وزينب» من القصص التي كُتب حوارها بالعامية؛ إيماناً من هيكل بفكرة المصرية، وجهاداً في سبيل تعميمها، داعياً في ذات الوقت إلى التشبع من الثقافة الفرنسية.

قال الأديب محمد حسين هيكل في مقدمة قصته «زينب»: «.. وكنت ولوعاً يومئذ بالأدب الفرنسي أشد ولع... فلما أكببتُ على دراسة تلك اللغة وآدابها، رأيت منها غير ما رأيت من قبل في الآداب الإنجليزية، وفي الآداب العربية. رأيتُ سلاسة وسهولة، ورأيت مع هذا كله قصداً ودقة في التعبير والوصف، وبساطة في العبارة لا تُواتي إلا الذين يحبون ما يريدون التعبير عنه أكثر من حبهم ألفاظ عباراتهم».

وقال الناقد المصري هلال أحمد شتا في مجلة الرسالة (1936): «كان هيكل فيما أنتج - وأول نتاجه ‌قصة ‌زينب - فرنسياً مخلصاً؛ فهو يؤثر الصناعة والحبكة القصصية، ويحب أن يضرب على أوتار تحس، وأن يعالج بمجهوده موضوعاً، غير متقيد بمذهب الفن للفن، بل ذاهباً مذهب استغلال الفن للمصلحة، ولقد أسبغ على «فرنسية» فنه روحاً عربية جميلة، بما وفق إليه من براعة في الوصف، وقدرة على التصوير الفاتن.

ولا شك أن هيكل فنان بطبعه؛ وقد كان خليقاً بأن يكون من عداد القصصيين الممتازين لو عني بفنه عنايته بأدبه وعلمه، ولو تابع استغلال روحه الفنية التي فطر عليها».

ومع كل ما قلناه عن المؤلف وقصته؛ رأيناه يحجم عن نشرها، وعن والتصريح باسمه أول أمره عام 1914م، فقد ظهرت «زينب» أول مرة باسم «مصري فلاح»؛ وقد ذكر المؤلف ذلك في الطبعة الثالثة.

ويعلل بعض النقاد ذلك السلوك منه؛ بالصراع القائم يومذاك بين العامية والفصحى!