<b>بـ "كود ريد".. سام ألتمان يعلن "حرب الوجود" ضد جوجل و"تشات جي بي تي"</b>

بينما كان العالم يحتفل بابتكارات الذكاء الاصطناعي، انطلقت صرخة استغاثة سرية من قلب شركة "أوبن إيه آي"، في مذكرة داخلية مسربة، أعلن سام ألتمان حالة "كود ريد"، محذراً من "أجواء عصيبة" تهدد عرش الشركة التي بلغت قيمتها 157 مليار دولار.

هذا التحقيق يكشف كواليس الصدام التاريخي بين عبقرية "ديميس هاسابيس" العلمية وبراغماتية "ألتمان" التسويقية، ولماذا بدأت أرقام نموذج "جمناي" المرعبة تزلزل ثقة مستثمري "السيليكون فالي" في مستقبل "تشات جي بي تي".

في مثل هذا الوقت من ديسمبر الماضي، كانت "أوبن إيه آي" تدهش العالم بحملتها التسويقية "12 يوماً من شيبماس"، وهي سلسلة من الإصدارات اليومية تضمنت نموذج "أو 1" (o1) الذي وضع معايير جديدة للاستدلال.

حينها، كانت الشركة قد جمعت للتو تمويلاً ضخماً قدره 6.6 مليار دولار، وقاعدة مستخدمي "تشات جي بي تي" تنمو بسرعة جنونية لدرجة أن الشركة شكت من عجزها عن توفير طاقة حوسبية كافية لتلبية الطلب.

لكن، بعد مرور عام واحد فقط، تلقى الموظفون في ديسمبر الحالي هدية عطلة مختلفة تماماً: مذكرة "كود ريد" صاغها الرئيس التنفيذي سام ألتمان، محذراً من رياح اقتصادية معاكسة ناتجة عن اشتداد المنافسة، محاولاً إشعال حماسهم لإعادة التركيز الكلي وتأجيل مشاريع الإعلانات والوكلاء الذكية (الأيجنتيك) لصالح إنقاذ المنتج الجوهري.

خلف الستار التقني، تدور معركة أرقام لا تقل شراسة؛ فبينما تقيم الشركة بـ 157 مليار دولار، تكشف التسريبات عن "ثقب أسود" مالي يلتهم المليارات.

التقديرات تشير إلى أن تكلفة التدريب والتشغيل قد تصل إلى 7 مليارات دولار سنوياً، في حين تتباطأ إيرادات الاشتراكات الفردية لـ "تشات جي بي تي" بنسبة 12%. في المقابل، تمتلك جوجل عبر "ألفابت" تدفقات نقدية تتجاوز 90 مليار دولار، مما يسمح لها بخوض "حرب استنزاف" مالية قد لا تصمد فيها "أوبن إيه آي" طويلاً دون سيولة جديدة

عقدة "السكيلينج":

تكمن الأزمة الحقيقية التي فجرت "كود ريد" في تقارير تقنية تشير إلى أن محاولات التدريب الكبرى في 2025 واجهت عثرات غير مسبوقة؛ حيث لم تنجح الحوسبة الضخمة في إنتاج نماذج تتفوق بوضوح على النسخ السابقة.

هذا الجمود في "سكيلينج لوز" (قوانين التوسع) يمثل كابوساً لألتمان، لأنه يعني أن ميزة الشركة التاريخية قد تبخرت، مما أعطى الفرصة لجوجل لتقليص الفجوة عبر تحسين نماذج "جمناي 3" بسرعة مذهلة.

البيانات تدعم هذا القلق؛ فبينما يحتفظ "تشات جي بي تي" بـ 800 مليون مستخدم أسبوعياً، قفز مستخدمو "جمناي" النشطون شهرياً إلى 650 مليوناً.

وتكشف بيانات "سيميلار ويب" أن "جمناي" سجل 1.351 مليار زيارة للموقع في نوفمبر، بينما سجل "تشات جي بي تي" تراجعه الشهري الثاني.

وفي سوق الشركات، تراجعت حصة الشركة إلى 27%، بينما صعد "جمناي" إلى 21%، وتصدرت شركة "أنثروبيك" بنسبة 40%.

يدرك ألتمان أن البقاء كمجرد "تطبيق" هو انتحار بطيء؛ لذا يخطط لانتزاع السيادة عبر أجهزة ملموسة بالتعاون مع المصمم جوني آيف. التحدي هنا هو أن جوجل تمتلك "العمود الفقري" عبر نظام أندرويد.

ويخشى المخططون في "أوبن إيه آي" من سيناريو "الأرض المحروقة"؛ وهو توفير خدمات "جمناي" المتطورة مجاناً بالكامل، مما سيؤدي إلى خنق نموذج اشتراكات "تشات جي بي تي" وتحويله إلى سلعة قديمة.

يرى باحث سابق في الشركة أن الوضع خطير: "إذا تفوقت جوجل في الأداء الخام، فإنها ستقتل أعمال الـ إيه بي آي (API) الخاصة بنا".

هنا تبرز المقارنة الحتمية بين الشخصيتين؛ ديميس هاسابيس، الحائز على جائزة نوبل الذي يراهن على البحث العلمي الرصين، وبين سام ألتمان، "المقاول" البراغماتي الذي يرى المنافسة كـ "جائحة" يجب سحقها فوراً.

المعركة الحالية ليست تقنية فحسب، بل هي معركة "توزيع وثقة". فبينما تمتلك "أوبن إيه آي" الذكاء، تمتلك جوجل "الوصول" لمليارات الأجهزة.

إن "كود ريد" هو اعتراف صريح بأن التفوق لم يعد مضموناً. ستحدد الأسابيع القادمة من سيحكم السيطرة على التكنولوجيا الأكثر تحولاً منذ اختراع الكهرباء، ومن سينتهي به المطاف كمجرد "هامش" في التاريخ، في ظل تساؤل مرير: "سام قد يكون شرساً، ولكن هل هو حقاً ندٌّ لـ ديميس؟".