لم ينجل بعد غبار الصدمة القوية التي أحدثتها الصين لأسواق التكنولوجيا بإعلان شركة الذكاء الاصطناعي الصينية DeepSeek أن نموذجها الأحدث R1 ينافس نماذج OpenAI الرائدة، رغم استخدامه رقائق إلكترونية أقل تطوراً واستهلاكه طاقة أقل، ما يثير مخاوف من أن الصين تجاوزت القيود المفروضة عليها في أشباه الموصلات المتقدمة.
تؤكد هذه التطورات أن الصين تسعى للتفوق على الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي، من خلال نقل المعركة إلى مستويات جديدة من الابتكار والكفاءة، ومع استثماراتها الهائلة وسعيها لتطوير بنية تحتية تقنية مستقلة، يبدو أن بكين تُعيد رسم ملامح المنافسة العالمية في هذا المجال الحاسم.
ورغم كل الضجة التي أثيرت حولها، لا يعد DeepSeek سوى أول الغيث، حيث تتسابق عدة شركات صينية لتحقيق هدف بكين بأن تصبح القوة العالمية الرائدة في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، وفي ما يلي أبرزها بحسب "أسوشيتد برس":
سلاح سري
يُعد Qwen-2.5-1M النموذج الأحدث من علي بابا كلاود، وهو سلسلة مفتوحة المصدر قادرة على التعامل مع استفسارات طويلة ومعقدة، ما يسمح بإجراء محادثات أعمق وأكثر دقة، ويتميز بقدرته المتزايدة على الاستدلال، والحوار، وفهم الأكواد البرمجية.
ورغم كونه جزءاً من مجموعة نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بعلي بابا، إلا أنه يُستخدم على نطاق واسع في قطاعات مثل السيارات، والبنوك، وألعاب الفيديو، وتجارة التجزئة، حيث يُساعد الشركات على تحسين تجربة العملاء وتطوير المنتجات.
إيرني بوت
طوّرت "بايدو"، أكبر محرك بحث في الصين، نموذجها الشهير Ernie Bot، ليكون أول روبوت محادثة ذكاء اصطناعي متاح للعامة في البلاد، وقد حقق 340 مليون مستخدم بحلول نوفمبر من العام الماضي، ما يجعله من بين الأكثر انتشاراً.
وتم بناء Ernie Bot على النموذج المتطور Ernie 4.0، والذي زعمت Baidu عند إطلاقه في أكتوبر 2023 أنه يُنافس ChatGPT-4 من OpenAI. ويوفر قدرات متقدمة تشمل الإجابة على الأسئلة، وإنشاء الصور بناءً على الأوامر النصية.
رهان "تيك توك"
أطلقت شركة “بايت دانس"، المالكة لمنصة "تيك توك"، نموذجها الجديد Doubao 1.5 Pro، والذي أصبح من أكثر روبوتات المحادثة شهرة في الصين، محققاً 60 مليون مستخدم نشط شهرياً.
وتدّعي "بايت دانس"، أن Doubao 1.5 Pro يتفوق على ChatGPT-4o في حفظ المعرفة، والبرمجة، والاستدلال، ومعالجة اللغة الصينية، كما يتميز بانخفاض تكاليفه التشغيلية، بفضل بنيته المتطورة التي توازن بين الأداء وكفاءة استهلاك الموارد.
الجوهرة
تُعد الشركة الناشئة "مونشوت إي آي"، التي يقع مقرها في بكين وتُقدّر قيمتها بأكثر من 3 مليارات دولار، واحدة من أسرع الشركات نمواً في المجال، وقد طرحت مؤخراً نموذجها Kimi k1.5، الذي يُقال إنه يُنافس أو حتى يتفوق على نموذج o1 من OpenAI.
ويتميز Kimi k1.5 بقدرته الفائقة على حل المسائل الرياضية المعقدة، البرمجة، وفهم كلٍّ من النصوص والصور والفيديوهات، مما يجعله واحداً من أقوى النماذج الصينية في الوقت الحالي.
استثمارات وطموحات
كما هو الحال في الولايات المتحدة، تضخّ الصين مليارات الدولارات في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث أعلنت الأسبوع الماضي عن صندوق استثماري بقيمة 60 مليار يوان (8.2 مليارات دولار) لدعم الابتكارات في هذا المجال، وذلك بعد أيام فقط من فرض واشنطن قيوداً جديدة على تصدير الرقائق الإلكترونية إليها.
إضافةً إلى ذلك، ضاعفت بكين استثماراتها في صناعة أشباه الموصلات، سعياً لبناء قدرة محلية قادرة على منافسة اللاعبين الكبار في القطاع، كما تدعم الحكومة الصينية برامج لجذب المواهب، وتُقدّم إعانات مالية وتدرس خططاً لافتتاح أكاديميات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، بل وتضمّن مناهجه في المدارس الابتدائية والثانوية.
ورغم التقدّم التقني، تضع بكين لوائح صارمة لضبط الذكاء الاصطناعي، تتعلق بالأمان والخصوصية والأخلاقيات، كما تُحدّد المواضيع التي يمكن للنماذج معالجتها.