36 ملياراً مساهمة قطاع التعليم في ناتج دبي منذ 2020

حمدة لوتاه
حمدة لوتاه
دينو فاركي
دينو فاركي
طاهر غريب
طاهر غريب

- رحاب حلاوة وسامح الليثي

يشكل الاستثمار في قطاع التعليم أحد المحاور الأساسية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في المجتمعات التي تطمح إلى بناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل، وفي إمارة دبي يمثل التعليم الخاص نموذجاً بارزاً للاستثمارات النوعية، التي تجمع بين الجودة والتنوع، مما يعكس رؤية الإمارة في أن تصبح مركزاً عالمياً للتعليم المتميز.

وشهد قطاع التعليم في دبي تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، إذ بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي نحو 36 مليار درهم منذ عام 2020، وحتى منتصف العام الماضي 2024، بحسب البيانات الصادرة عن مركز الإحصاء في دبي.

وأوضحت أحدث البيانات أن مساهمة القطاع بلغت قرابة 4.5 مليارات درهم في الشهور الستة الأولى بمفردها من العام الماضي 2024، وتظهر السلسلة الزمنية للبيانات تعاظم حصة أنشطة التعليم في الناتج بشكل سنوي على مدار الفترة، حيث نمت حصة مساهمة القطاع في الناتج بمتوسط سنوي 1.5 % من إجمالي تخطى 7 مليارات درهم في عام 2020 إلى إجمالي حصة بلغت 7.2 مليارات درهم في عام 2021، وفي المقابل قفزت الحصة بنسبة 20 % في عام 2022 إلى 8.6 مليارات درهم، فيما حققت حصة القطاع في الناتج المحلي نمواً بنسبة 2.3 % بمساهمة بلغت 8.8 مليارات درهم في 2023.

ويشهد قطاع التعليم في الإمارة تنوعاً من جانب الاستثمار، حيث تضم حسب مؤشرات القطاع 227 مدرسة للقطاع الخاص، إلى جانب قرابة 40 جامعة ومؤسسة للتعليم العالي، ما يؤكد تنامي أهميته كمحرك اقتصادي حيوي، ويعزى هذا النمو إلى الجهود المبذولة من قبل المستثمرين والمؤسسات التعليمية، إضافة إلى التسهيلات الحكومية التي جعلت دبي بيئة مثالية لجذب الاستثمارات في هذا المجال الحيوي.

وحرصت «البيان» على استطلاع آراء عدد من المستثمرين والخبراء، الذين أسهموا في رسم ملامح المشهد التعليمي المتطور، في وقت سجلت المدارس الخاصة في إمارة دبي نمواً في أعداد الطلبة بنسبة 6 % العام الدراسي الحالي 2024- 2025، وذلك وفقاً للتقرير الدوري لهيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، الذي أشار إلى افتتاح 10 مدارس خاصة جديدة في العام الدراسي الحالي، ليصل بذلك إجمالي عدد المدارس الخاصة في دبي إلى 227 مدرسة، تستقبل 387,441 طالباً وطالبة ينتمون إلى 185 جنسية.

ويتماشى افتتاح هذه المدارس الجديدة والنمو في أعداد الطلبة الملتحقين بمنظومة التعليم المدرسي الخاص في دبي مع مؤشرات استراتيجية التعليم 33، التي تستهدف افتتاح 100 مدرسة خاصة جديدة على الأقل بحلول عام 2033، والمساهمة في إثراء تنوع المشهد التعليمي في دبي، وتلبية الاحتياجات التعليمية للمواطنين والمقيمين في الإمارة، من خلال توفير تعليم عالي الجودة، يرتكز على جودة حياة الطلبة، ويتناسب مع مختلف الثقافات.

وتحتضن منظومة المدارس الخاصة في دبي 17 منهاجاً تعليمياً متنوعاً، ويأتي المنهاج البريطاني في المرتبة الأولى من حيث أعداد الطلبة، إذ يستقطب أكثر من ثلث الطلبة بنسبة بلغت 37 %، يليه المنهاج الهندي بنسبة 26 %، ثم المنهاج الأمريكي بنسبة 14 %، ومنهاج البكالوريا الدولية بنسبة 7 %، والمنهاج البريطاني- البكالوريا الدولية بنسبة 4 %.

ويلتحق 33,210 طلاب إماراتيين بالمدارس الخاصة في دبي، ويُعد المنهاج الأمريكي الخيار الأول للعائلات الإماراتية، يليه المنهجان البريطاني والبكالوريا الدولية. وتركز استراتيجية التعليم 33 على تمكين الطلبة الإماراتيين من خلال توفير تعليم عالمي المستوى، يعزز جودة حياة الطلبة، ويُرسخ مبدأ التعلُّم مدى الحياة. وبحسب التقرير تواصل دبي تعزيز مكانتها كوجهة دولية جاذبة ومفضَّلة للمعلمين الدوليين، حيث تحتضن المدارس الخاصة في دبي 27,284 معلماً ومعلمة، بنسبة زيادة بلغت 9 % مقارنة بالعام الدراسي الماضي، ما يعكس نجاح إمارة دبي في استقطاب معلمين متميزين من جميع أنحاء العالم، مما يعزز موقعها كوجهة رئيسية للتربويين الباحثين عن تطوير حياتهم المهنية.

«جيمس للتعليم»

ومن جهته تحدث دينو فاركي، المتحدث الرسمي لمجموعة «جيمس للتعليم»، عن التطور الكبير، الذي شهدته استثمارات القطاع الخاص في قطاع التعليم في إمارة دبي خلال السنوات الأخيرة، موضحاً أن مؤسسة جيمس، التي تعمل في دولة الإمارات منذ أكثر من 65 عاماً، كانت شاهدة على التحولات الكبيرة في قطاع التعليم، والتي تواكب النمو والتوسع الذي تشهده الدولة.

وأكد فاركي أن المجموعة قد استثمرت بشكل مستمر في تحسين البنية التحتية التعليمية، وفي المدارس، بالإضافة إلى استقطاب أفضل المعلمين إلى المنطقة، وذلك في إطار سعيها لتحقيق رؤية تعليمية شاملة.

وحول الدور الذي تلعبه التسهيلات الحكومية في جذب الاستثمارات إلى قطاع التعليم الخاص في دبي أكد فاركي أن حكومة دبي قامت بعمل متميز في ترسيخ مكانة الإمارة على الخريطة التعليمية العالمية، مما أسهم في جذب الاستثمارات الدولية وتوفير بيئة تعليمية رائدة، مضيفاً، إن دبي أصبحت وجهة عالمية ليست فقط للزوار، بل للعديد من العائلات التي تتطلع إلى جعل الإمارة موطناً لها، واعتبر أن هذا النجاح كان له تأثير إيجابي على جميع القطاعات في الإمارة، بما في ذلك قطاع التعليم، مشيداً بالدعم المستمر من القيادة الرشيدة والدولة والحكومة الإماراتية في هذا الصدد.

وفيما يتعلق بسياسات التعليم في دبي أشار فاركي إلى أن هناك جهوداً كبيرة من حكومة دبي وهيئة المعرفة والتنمية البشرية في تهيئة البيئة المناسبة لقطاع التعليم، موضحاً أن رؤية الحكومة وإجراءاتها ساعدت في استقطاب معلمين وقادة مدارس من مختلف أنحاء العالم، وهو ما أسهم في تقديم تعليم عالي الجودة للعدد المتزايد من العائلات، التي تتجه إلى دبي بحثاً عن بيئة تعليمية متميزة.

وتحدث فاركي أيضاً عن الخطط المستقبلية لمجموعة جيمس في تطوير قطاع التعليم الخاص في دبي، حيث أكد أن المجموعة تواصل استثمارها النشط ليس فقط في دبي، بل في جميع أنحاء الإمارات، مشيراً إلى أن المجموعة أعلنت مؤخراً افتتاح «مدرسة جيمس للأبحاث والابتكار» في مدينة دبي الرياضية في أغسطس 2025، وهي مدرسة طموحة تهدف إلى تقديم تجربة تعليمية مبتكرة، من خلال دمج أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، إلى جانب المعلمين ذوي الخبرات العالمية، إذ أعلنت المجموعة عن ضخ مبلغ 100 مليون دولار للمجمع، كما أشار إلى أن المجموعة قد بدأت توسعات كبيرة في مدارس أخرى مثل مدرسة جيمس فيرست بوينت، ومدرسة جيمس رويال دبي.

27 ألف درهم الرسوم

وحول التوازن بين تقديم تعليم عالي الجودة مع رسوم دراسية معقولة أوضح فاركي أن مجموعة جيمس تعمل بشكل وثيق مع هيئة المعرفة والتنمية البشرية، لضمان توافق الرسوم الدراسية مع معايير الجودة في التعليم، كما أكد أن متوسط الرسوم الدراسية في مدارس المجموعة يصل إلى 27 ألف درهم سنوياً، مشيراً إلى أن التعليم بأسعار مناسبة كان دائماً أولوية لدى المجموعة.

بيئة تنظيمية مرنة

ومن جانبه قال طاهر غريب، الرئيس التنفيذي لشركة «سلام للتعليم»، التي تخدم مجتمع التعليم في دبي منذ أكثر من 35 عاماً، أن استثمارات القطاع الخاص في التعليم بالإمارة شهدت نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بالطلب المتزايد على التعليم المتميز، وبيئة الاستثمار الداعمة، مشيراً إلى أن أبرز التحديات، التي تواجهها المؤسسات التعليمية الخاصة تتمثل في تحقيق التوازن بين تقديم تعليم عالي الجودة، والحفاظ على رسوم دراسية تنافسية.

وأضاف أن الحكومة تلعب دوراً محورياً في تعزيز استثمارات التعليم الخاص من خلال التسهيلات التي تقدمها، مثل دعم البنية التحتية وتوفير بيئة تنظيمية مرنة، كما أكد أن السياسات الحكومية الحالية تسهم في جذب المستثمرين، وتتماشى مع احتياجات السوق وتطلعات أولياء الأمور. وأوضح أن المبادرات الحكومية أسهمت بشكل كبير في دعم خطط التوسع للمدارس الخاصة، مشيراً إلى أن مجموعته تعمل على تعزيز برامجها التعليمية لمواكبة التحولات التكنولوجية والتوجهات العالمية.

تسهيلات

ومن جانبها أوضحت حمدة لوتاه، إحدى المستثمرات في قطاع التعليم الخاص بدبي، أن التعليم يشكل ركيزة أساسية في دعم اقتصاد الإمارة، حيث يسهم في تطوير الكفاءات البشرية، وتعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للمعرفة والابتكار.

وأضافت أن التسهيلات التي تقدمها الجهات الحكومية، وعلى رأسها هيئة المعرفة والتنمية البشرية، حيث لعبت دوراً محورياً في استقطاب الاستثمارات إلى قطاع التعليم الخاص، مشيرة إلى أن هيئة المعرفة قامت بإطلاق مبادرات مبتكرة، تهدف إلى تعزيز جودة التعليم.

وأكدت لوتاه أن العائدات الاقتصادية والاجتماعية لقطاع التعليم الخاص في دبي تعد كبيرة، حيث يسهم القطاع في خلق فرص عمل متعددة، وتعزيز الابتكار التعليمي، وتلبية احتياجات الأسر المقيمة في الإمارة، كما شددت على أن التعاون المستمر بين المستثمرين والجهات الحكومية يضمن تحقيق رؤية دبي في بناء نظام تعليمي عالمي المستوى ومستدام.

17 منهاجاً

ومن جهتها أوضحت سامية المغربي، إحدى المستثمرات الجدد في قطاع التعليم بدبي، أن اختيارها للإمارة جاء نظراً لتنوعها الثقافي الفريد،الذي يميزها كواحدة من أبرز المدن العالمية، مشيرة إلى أن هذا التنوع ينعكس بشكل مباشر على قطاع التعليم، حيث تضم المدارس الخاصة في دبي 17 منهجاً تعليمياً مختلفاً، ما يوفر فرصاً استثمارية واسعة، لتلبية احتياجات المجتمعات المتعددة الجنسيات.

وأضافت أن الطلب على التعليم الخاص في دبي يشهد نمواً مستمراً، مدفوعاً بزيادة عدد السكان، وارتفاع وعي الأسر بأهمية التعليم عالي الجودة، مؤكدة أن دبي تقدم بيئة استثمارية جذابة ومستقرة، مدعومة بتسهيلات حكومية شاملة تسهم في تمكين المستثمرين من إطلاق مشاريع تعليمية، تلبي احتياجات السوق، وتتماشى مع معايير الجودة العالمية.