القيم مبدأ أصيل في حياة الإنسان، منها ينطلق، ومن خلالها تتشكل شخصيته وتبنى سمعته، فمتى ما كان الفرد حريصاً عليها ازداد رونقاً ولمعاناً، وتلألأ في سلوكه وتصرفه، ومتى ما تخلى عنها انطفأ نوره وبدت عيوبه، وقل عطاؤه، وصدأت نفسه.
من أجل هذه القيم المتمثلة بالصدق والأمانة فهي جوهر الإنسان، فالصدق والأمانة من القيم الأساسية التي يحتاج إليها كل إنسان في تعاملاته، حتى مع نفسه، إذا كان في عمله عامل رؤساءه وزملاءه بالصدق والأمانة، في أداء واجباته ومهامه، وإذا كان في بيته يكون قدوة لأبنائه وأسرته بعباراته وأفعاله، ويحرص على غرسها في نفوسهم بسلوكياته، ويبين لهم أثرها وعواقبها الحميدة، وإن كان في تجارته يعامل الناس بصدق وأمانة، مبتعداً عن الغش والخيانة، وفي مجتمعه يكون صادقاً في بذله وعطائه، أميناً على ممتلكاته، وهكذا في جميع شؤونه.
ونبينا عليه الصلاة والسلام يحثنا على الصدق بقوله: «عليكم بالصِّدقِ فإنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البرِّ وإنَّ البرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وما يزالُ الرَّجلُ يصدقُ، ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللهِ صدِّيقاً»، وبيّن صلى الله عليه وسلم أهمية موضع الأمانة بقوله: «إنَّ الأمَانَةَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ».
وتترسخ وتتأكد قيم الصدق والأمانة بما يقوم به الفرد تجاه الوطن، في السر والعلن، يصدق في أفعاله وأقواله، ويكون مؤتمناً على أمن وطنه واستقراره، والمحافظة على مقدراته ومكتسباته، يسهم بصدقه وأمانته بالدفاع عن وطنه والذود عن حماه ببذل الغالي والنفيس، ويكون عنصر بناء وعطاء في موقعه دون تكاسل وتخاذل.
قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: «إن لكل مرحلة تحدياتها، ونحن قادرون بأمثالكم من أصحاب الهمم العالية والعزائم الصادقة أن نحقق المستحيل لخدمة الوطن الغالي ورفعته».
وأكد سموه، حفظه الله، في سياق آخر، أن دولة الإمارات أمانة عظيمة في أعناقنا بقوله: «إن دولة الإمارات أمانة كبيرة وغالية في أعناقنا جميعاً، تسلَّمناها من الآباء والأجداد، وسنسلِّمها إلى الأبناء والأحفاد الذين سيحملون الراية من بعدنا؛ ليواصلوا المسيرة، ويبنوا على ما بنيناه، مثلما شيَّدنا على ما تركه لنا الأسلاف من أسس راسخة وأركان ثابتة، ومسؤوليتنا أمام الوطن والتاريخ والأجيال المقبلة الحفاظ على هذه الأمانة بكل ما آتانا الله من قوة وجهد وعزيمة».
والصدق والأمانة لهما مردودهما الحسن على صاحبهما، فهما يرفعانه درجات عند خالقه، ويرفعان مكانه بين أصحابه، وينعكسان على سمعته، ويبقى هذا الخلق خالداً في أثره، فيكون به قدوة لغيره، بقوله وفعله، ويذكره الناس به بالخير والدعاء الجميل في غيابه.
فما أجمل أن نحرص على هذه الأخلاق النبيلة من الصدق والأمانة، لا سيما تجاه الأوطان وبني الإنسان، فإنها صفات اتصف بها أهل الفضل والمروءة والشهامة، ولا يوجد فاضل مفضال إلا تحلى بها، ولا يوجد حكيم إلا تزين بها، ولا يوجد عالم إلا انتهجها، فاحرص عليها واغرسها في أهلك وعيالك ومجتمعك.