إضاءات مشرقة من مبادرة عام المجتمع

يشكل المجتمع الدعامة الأساسية لبناء الأوطان ونهضة الحضارات والأمم، بما يشتمل عليه من أفراد وأسر وروابط مجتمعية متنوعة الأشكال، سواء على مستوى العلاقات الخاصة كالقرابات أو الصداقات أو العلاقات العامة أو المؤسسات، وبما يمثله الفرد نفسه في كينونته الصغرى كإنسان من دور محوري جوهري في البناء والعطاء.

وبمقدار ما يمتلك من مبادئ وقيم ووعي رشيد، ومن قدرات ومواهب وإبداعات، وما يتحلى به من عزيمة وهمة وروح مفعمة بالعطاء والانتماء يكون نفعه أبلغ، وعطاؤه أكثر، ويشتد به المجتمع قوة وتماسكاً، ويزداد به الوطن ازدهاراً وتقدماً.

ومن هذا المنظور الحضاري وما يتضمنه من حقائق حول الإنسان والمجتمع أولت دولة الإمارات عناية فائقة بهذا الباب، فجعلت بناء الإنسان وتنميته أولوية وطنية عليا، وعملت على سعادته وراحته على المستويات كافة.

وذلك منذ فجر الاتحاد، فوفرت له بيئة حياتية آمنة مستقرة، وسنت له الأنظمة والقوانين التي تحميه وتصون حقوقه، وسخرت له المؤسسات الصحية والتعليمية والاجتماعية والشرطية وغيرها، التي تسهم في توفير الحياة المثلى له، ليكون أوفر صحة، وأكثر تعليماً، وأهنأ عيشة، وأكثر موهبة وإبداعاً، واعتنت اعتناء يوازي ذلك بالأسرة، التي هي الحاضنة الأولى لكل فرد، عبر المبادرات والخدمات والدعم والرعاية، لتكون دولة الإمارات بذلك نموذجاً ملهماً في رعاية الفرد والأسرة والمجتمع.

واستمراراً على هذا النهج المستدام أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص عام 2025 ليكون «عام المجتمع» تحت شعار «يداً بيد»، تلك المبادرة التي تهدف إلى بناء مجتمع متماسك متلاحم، زاخر بالقيم الإيجابية، قادر على الانطلاق بكل قوة وإبداع في ميادين الريادة والصدارة وتحقيق الإنجازات النوعية، ومواجهة التحديات والتغلب عليها، يتلاقى فيه العنصر البشري جنباً إلى جنب مع الكفاءات والقدرات، كمّاً وكيفاً، علماً وفكراً وعملاً وسلوكاً.

إن هذه المبادرة تعكس حرص القيادة الحكيمة لدولة الإمارات على بناء المجتمع وتعزيز روابطه، وهي محطة مستمرة من المحطات الوطنية الإماراتية في بناء الإنسان والارتقاء به، ما يجعل دولة الإمارات منارة ساطعة للعالم أجمع في رعاية المجتمع.

وإطلاق المبادرات والبرامج التي تنهض به، وتعزز سعادته وريادته، لتكون بذلك مدرسة تتعلم منها الدول وتحذو حذوها، إيماناً بأن سعادة الإنسان أساس رفعة الأوطان، وأن تنمية المجتمعات وازدهارها أساس نهضة الدول واستقرارها.

وأنه مع تنامي التقدم التقني وانبلاج فجر الذكاء الاصطناعي فإن القيم الإنسانية هي الجوهر والقلب النابض لبناء حضارة راقية متقدمة، بما تشتمل عليه من التكاتف والتلاحم والتعاون والتسامح والانسجام والوئام بين مختلف الشرائح والفئات، ما يجعل كل فرد لبنة في صرح البناء الذي تكتمل صلابته وعلوه بمجموع الأفراد كلهم مجتمعين متآزرين.

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا التشبيه بقوله: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»، وشبك بين أصابعه، ومن أجل ذلك غدت دولة الإمارات واحة جاذبة لمختلف الجنسيات والأعراق ليعيشوا فيها ويتنعموا بما تتمتع به من الرخاء والاستقرار وقيم التسامح والتعايش، وفي هذا الصدد قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله:

«عام نعمل فيه يداً بيد لتعزيز الروابط في مجتمعنا وأسرنا، وترسيخ المسؤولية المشتركة في بناء وطننا، وإطلاق الإمكانيات والمواهب، المجتمع القوي والمتماسك والمستقر يعني وطناً قادراً على تحقيق طموحاته ومواجهة تحدياته والتخطيط السليم لمستقبله».

وعندما نتحدث عن هذه المبادرة الوطنية تتجلى هنا حقيقة أخرى، هي أن المسؤولية مشتركة، وهنا يأتي دور أفراد المجتمع عموماً من المواطنين والمقيمين للتفاعل مع هذه المبادرة الوطنية، وتقديم المقترحات البناءة والأفكار الإبداعية التي تحقق أهدافها، ودور الأسر في ترجمة قيم التماسك والتراحم والتلاحم في واقعها العملي، والتحلي بالوعي الرشيد والوقوف مع الوطن في مواجهة تحديات المرحلة.

كما يأتي دور المؤسسات المختلفة للتفاعل معها من خلال إطلاق المبادرات والفعاليات والبرامج المتنوعة، والمشاركة الفاعلة من الجميع في دعم المسيرة التنموية المستدامة لهذا الوطن والبناء الأمثل للمجتمع الأسعد.

إن مبادرة «عام المجتمع» إشراقة مضيئة من إشراقات الوطن تضاف إلى سجلاته الناصعة، وتعكس رؤية القيادة الحكيمة في بناء الإنسان والارتقاء بالمجتمع بما يحقق السعادة والتنمية للجميع، ويرسخ حاضراً مشرقاً، ويكرس لمستقبل أكثر تلألؤاً وازدهاراً.